القاهرة | عاد كابوس استهداف الكنائس ليخيّم على مصر من جديد. 25 شهيداً و48 جريحاً، هي حصيلة تفجير كنيسة البطرسية الواقعة في منطقة العبّاسية شرقي القاهرة. الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد أول من أمس، مع الاقتراب من وقت «المناولة» خلال القدّاس الأسبوعي، هزّ التفجير الكنيسة الأثرية، مذكراً المصريين بعمليات سابقة شبيهة، ربما ظنوا أنها أصبحت بعيدة.
في ما يشبه ما جرى في كنيسة القديسين عام 2011، ويفوقه بعدد الضحايا، عاشت القاهرة في اليومين الماضيين مأساةً لا تقتصر على العملية الإرهابية وحدها، بل تتعداها إلى ما تلاها، ولا سيما في تعاطي الأجهزة الأمنية مع الواقعة، خصوصاً أنها تلتها تجمعات وتظاهرات تطالب باستقالة وزير الداخلية.
ويوم أمس، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بنفسه بعد اجتماع أمني مصغّر، اتهام المدعو محمود شفيق مصطفى بالوقوف خلف العملية الانتحارية، في خطوةٍ لعلها الأولى في أن يعلن الرئيس بنفسه هوية المجرم المتهم.
وكان قد ألقي القبض على محمود في مسقط رأسه في الفيوم قبل أكثر من عامين في قضية حيازة سلاح، وحكم عليه بالحبس عامين قبل تخفيف الحكم مراعاة لحداثة سنه، إذ كان يبلغ من العمر آنذاك 16 عاماً ليقضي عاماً ونصف عام خلف القضبان قبل أن يفرج عنه بداية العام الجاري. وتشير التحقيقات الأمنية إلى أن المتهم التحق بعد خروجه من السجن بتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، سافر إلى سيناء لتلقي «تدريبات جهادية» قبل أن يعود إلى القاهرة لتنفيذ التفجير.

التحق المتهم
بتنظيم «داعش» وتلقى
تدريبات في سيناء

وبحسب المعطيات ذاتها، فإن المتهم تردد على الكنيسة أكثر من مرة، وهو ما يجري حصره حالياً بتفريغ كاميرات المراقبة التي تحيط بالكاتدرائية، علماً بأن أجهزة الأمن أعلنت القبض على أربعة آخرين متهمين بالتورط في القضية، يخضعون للتحقيق، وسط توقعات بإعلان انتهاء التحقيقات معهم خلال أيام. وكلّف النائب العام مساعديه بسرعة الانتهاء من التحقيقات بالقضية، حيث يعمل أكثر من 200 عضو نيابة على متابعة مجريات القضية وتفريغ الكاميرات وجمع الأدلة.
وأثارت الصور التي وزعتها الداخلية يوم أمس، لأشلاء منفذ العملية العديد من التساؤلات عن قدرة الأجهزة الأمنية على تحديد أشلاء المتهم وجمعها من بين باقي أشلاء الشهداء، علماً بأن هذا الأمر يستغرق على الأقل 10أيام. كذلك إن إظهار رأس المتهم سليماً لتأكيد هويته يثير تساؤلات عدة عن حقيقة ذلك، برغم من شدة الانفجار. وبعد التفجير يوم الأحد، شهد محيط الكنيسة تظاهرات تضمنت للمرة الأولى هتافات طالبت برحيل السيسي وأخرى بتنحي وزير الداخلية مجدي عبد الغفار. وردّد المتظاهرون «يسقط يسقط أي رئيس طول ما الدم المصري الرخيص». الغضب استمرّ يوم أمس أيضاً، لكنّه تحوّل لينصبّ على قوى الأمن التي منعت وصول الكثيرين للمشاركة في الجنازات، بعد حصر المشاركين بـ«مدعوين» تسلموا دعوات للحضور.
وحضر الجنازة السيسي الذي قال: «لن نترك ثأرنا حتى بعد القبض على الجناة، القضاء لن يبقى مكبلاً أمام ما يحدث، ويتعيّن التعامل مع هذه الأحداث بشكل حاسم، لذا على البرلمان والحكومة تشديد القوانين»، متابعاً بالقول: «أنتم لا تعلمون حجم النجاح الذى تحقق فى سيناء، إننا نتعامل مع بعض بصدق وأمانة، وما حدث أمس ضربة إحباط منهم». وأضاف: «مش رح أقول عزائي لأشقائنا المسيحيين، لكن هقول عزاءنا لكل شعب مصر، وأوعوا تقولوا اللي حصل خلل أمني، الضربة أوجعتنا وسببت ألماً كبيراً لنا، ولكنها أبداً لن تكسرنا، وإن شاء الله سننجح فى القضاء على الإرهاب».
تجدر الإشارة إلى أن مدينة الإسكندرية شهدت في كانون الثاني/ يناير عام 2011، ليلة رأس السنة القبطية، تفجيراً استهدف المصلين داخل الكنيسة، حيث أُلقيت قنبلة. كذلك، تعرض نحو 80 كنيسة للحرق في أعقاب فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة» قبل نحو ثلاث سنوات.