القاهرة | أعلنت المحكمة الدستورية بطلان مواد من قانون التظاهر، قبل أن يلي ذلك تقرير هيئة مفوضي الدولة أمس، بالتوصية ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي تتنقل بموجبها تبعية جزيرتي تيران وصنافير من السيادة المصرية إلى السعودية.
بالنسبة إلى الحكم الأول بإبطال المحكمة مواد من قانون التظاهر لعدم دستوريتها، فإن القانون الذي أعدته وزارة الدفاع إبان تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي منصب وزير الدفاع، جرى إمراره من طريق الحكومة ورئيس الجمهورية المؤقت آنذاك المستشار عدلي منصور. وسيدفع الحكم الصادر الحكومة إلى تعديل القانون الذي يقضي مئات الشباب فترة سجنهم بموجبه، كذلك ألغت المحكمة الدستورية سلطة وزارة الداخلية في السماح بالتظاهرات، وهي خطوة وإن كانت لن تفرج عن المعتقلين على ذمة القضايا، إلا أنها ستلغي سلطاتها مستقبلاً على تنظيم التظاهرات، وهي صلاحيات واسعة مررت بالقانون الذي هدف إلى الحد من تظاهرات جماعة «الإخوان المسلمين» آنذاك ضد النظام.
أما الخطوة الثانية، فجاءت يوم أمس، متوقعة من هيئة مفوّضي الدولة في المحكمة الإدارية العليا التي أوصت في تقريرها ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وبمصرية جزيرتي تيران وصنافير اللتين روج النظام لهما باعتبارهما جزيرتين سعوديتين «كانتا تخضعان للولاية المصرية لأسباب مرتبطة بأهميتهما الاستراتيجية وعدم وجود تجهيزات لدى القوات السعودية لتولي مهمة تأمينهما».

لم تعترض السعودية
على دخول الجزيرتين ضمن معاهدة «كامب ديفيد»

وبرغم أن التقرير الذي قدم خلال جلسة الطعن على حكم البطلان الأول الصادر عن محكمة القضاء الإداري غير ملزم للمحكمة الإدارية العليا التي تنظر الطعن، فقد جرت العادة بتأييد المحكمة لتقرير هيئة المفوضين بأحكامها، في الوقت الذي ظل فيه محامي الحكومة متمسكاً بسعودية الجزيرتين.
وفي حال تأييد المحكمة بعد انتهاء المرافعات لحكم محكمة الدرجة الأولى ببطلان الاتفاقية باعتبارها مخالفة للدستور الذي ينص على عدم جواز التنازل عن أي قطعة من الأراضي المصرية، فإن القضاء الإداري وهو الجهة المختصة قانونياً ودستورياً، سيكون قد أصدر حكماً نهائياً غير قابل للطعن أمام أي جهة قضائية أخرى، بينما تسعى الحكومة إلى إمرار الاتفاقية باللجوء للمحكمة الدستورية بسبب إصدار حكم من محكمة الأمور المستعجلة وهي جهة غير مختصة قانوناً بتأييد الاتفاقية.
وقال تقرير مفوضي الدولة إنّ «من غير المتصور عقلاً أن تتنازل دولة عن سيادتها على جزء من إقليمها بمجرد اتفاق شفهي، لا تستطيع إثباته مستقبلاً»، مشيراً إلى أنه لا مجال للقول بما جاء في مذكرات الدفاع المقدمة من الحكومة المصرية من أن خروج الجزيرتين من الأراضى المصرية ودخولهما الإقليم السعودي «جاء نتيجة طريقة حساب خط الوسط في ترسيم الحدود، ما أدى إلى وقوع الجزيرتين في الجانب السعودي، إذ تناست الحكومة المصرية أن تطبيق تلك الطريقة مرهون بعدم وجود اعتبارات أو ظروف خاصة تحول دون الأخذ بها، وأهم تلك الاعتبارات هي نظرية الظروف التاريخية، التي ثبّتت حق الدولة المصرية باستقرار سيادتها على الجزيرتين».
وأضاف التقرير أنّ الثابت بالأوراق هو أن السعودية لم تعترض على ما ذكره مندوب مصر في الاجتماع المنعقد في الأمم المتحدة بجلسة 15 شباط/ فبراير عام 1954، الذي حضره مندوب مصر ومندوب إسرائيل، وما تضمنه هذا الاجتماع من تقديم مصر مذكرة تؤكد فيها أن مصر لها كامل السيطرة والسيادة الكاملة على جزيرتي تيران وصنافير منذ عام 1841، كما علق بالبند (133) «أنه بانتهاء العلاقات بين مصر والدولة العثمانية أصبحت الجزيرتان حصرية لمصر، ولكن هناك دولة كان بإمكانها أن تبدأ مناقشات بشأن احتلال الجزيرتين. وهي المملكة العربية السعودية، وقد تم إبرام اتفاقية بين مصر والمملكة العربية السعودية تؤكد ما أسميه احتلالاً للجزيرتين وليس فقط اعتبارهما تحت الحماية المصرية، والأكثر أهمية من ذلك أنه في هذا الاتفاقية تم الاعتراف بأن هاتين الجزيرتين جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية».
وأشار تقرير هيئة مفوضي الدولة إلى أن المملكة لم تعترض أيضاً على دخول الجزيرتين ضمن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 واعتبارهما أراضي مصرية، إذ كان لها تطلب إخراجها من المعاهدة بحجة عدم دخولهما ضمن السيادة المصرية، مؤكداً أن الأطلس التاريخي للسعودية والمرفق بالطعن الماثل الذي تضمن تاريخ وجغرافية مراحل تأسيس السعودية من الدولة السعودية الأولى، مروراً بالدولة السعودية الثانية والحالية، لم يثبت به أن الجزيرتين تقعان في الحدود البرية للمملكة. كل تلك الشواهد تؤكد عدم سعودية الجزيرتين ودخولها في السيادة المصرية، الأمر الذي يقطع بتبعية الجزيرتين لمصر.
وأشار إلى أن التاريخ يشهد أن الجزيرتين قد سبق احتلالهما من قبل إسرائيل فى 1956 و1967 وحتى تاريخ تحريرهما لم تهبّ أي دولة للدفاع عن الجزيرتين سوى مصر صاحبة السيادة التاريخية الحقيقية على الجزيرتين، ولم يثبت اعتراض السعودية على ذلك طوال تلك السنوات.
وأوضح أن القضاء الدولي استقر على أن أهم مظاهر ملكية الدولة للجزر ما تمارسه من أعمال سيادة لدى الفصل في ملكية الجزيرتين، وأهم تلك الأعمال على الإطلاق هو الدفاع عن الجزيرتين ضد الاعتداءات، وبذل الدم في سبيل الحفاظ عليها، وهو ما فعله الجيش المصري فى تلك المناطق.