امتلك الشهيد ياسر عرفات عندما كان قائداً عاماً لمنظمة التحرير والثورة الفلسطينية في لبنان، قطعاً عسكرية عدة. من أهم الفرق «الخاصة» التي اعتمد عليها «أبو عمار»، كانت فرقة مكوّنة من أشبال فتح وشبيبتها، وتُعرَف باسم «فرقة الزقّيفة (الصفيقة)».
مهمة هذه الفرقة المشاركة في نشاطات فصائل المنظمة (غير «فتح») ومؤتمراتها، ومقاطعة المتحدث بالتصفيق بحرارة فائضة وترديد الشعارات بحماسة شديدة. في البدء، بحسب واحد من «الزقيفة (الصفيقة)» لم يكن يعلم المنظمون سبب حماسة هؤلاء. يستذكر الرجل الستيني كيف فُرز هو ورفاقه للمشاركة في المؤتمرات التي تعقدها «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»: «كنا ننتظر صعود (الأمين العام للجبهة نايف) حواتمة حتى نبدأ التصفيق بقوة، وترديد شعارات (الديموقراطية) كما لو كنا من المنتسبين إليها». أضاف ضاحكاً: «كنا نعود إلى بيوتنا وأيدينا حُمرٌ من شدة التصفيق».
في البدء، لم يفهم المنظمون سبب حماسة هؤلاء الشبان وتصفيقهم وصفيرهم بنحو متكرر، خصوصاً عندما لم يستدع الخطاب أي حاجة لذلك. لكن مع ترددهم على أغلب نشاطات «الديموقراطية» وتكرارهم فعلتهم وهتافهم بحياة «أبو عمار» عوضاً عن حواتمة وتحوّلهم إلى مصدر إزعاج، فهم أبناء «الجبهة» أن «الشبيبة» مندسون وهدفهم تخريب نشاطاتهم.
منذ يومين، ومن خلال متابعة مؤتمر فتح السابع المنعقد في رام الله، تبيّن أن عقلية الشبيبة والأشبال في «فرقة الزقيفة» لا تزال حيّة، لكن هذه المرة لم يعد الهدف تخريب المؤتمر. ما يدفعك إلى الظن أنّ أفراد هذه الفرقة الذين أصبحوا رجالاً حضروا عند إلقاء القائد العام محمود عباس، كلمته.
إذ شهدت كلمة «أبو مازن» الطويلة (استمرت ثلاث ساعات نامت خلالها بعض القيادات مثل عبد الرحيم ملوح) كمية تصفيق يمكنها أن تدخله ومؤتمر «فتح» موسوعة «غينيس». لكن السؤال هو: هل يستحق عباس فعلاً كل هذا التصفيق؟ هل يستحق تأكيده وتركيزه أن القدس الشرقية فحسب هي عاصمة فلسطين كل هذه الحرارة في التصفيق؟ هل يستحق دفاعه واستماتته في إقناع الحاضرين بأهمية مشاركته في جنازة رئيس كيان العدو الأسبق شيمون بيريز التصفيق؟ أم هل يستحق التصفيق قوله واعترافه بأنه أول من تواصل مع العدو الإسرائيلي عام ١٩٧٠ عندما لم يكن يفكر أحد في ذلك حينذاك؟ قد يستحق «أبو مازن» التصفيق على شيء واحد فقط، هو صموده وتمكنه من التحدث لمدة ثلاث ساعات من دون تدخين سيجارة واحدة... وهو المعروف بالمدخّن الشره!