القاهرة | لم تكن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لواشنطن من أجل توقيع اتفاقية منع تهريب الآثار المصرية مع نظيره الأميركي جون كيري فقط، إذ كان الهدف الأبرز من الزيارة التنسيق مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقد جرت اتصالات هاتفية بينه وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال الايام الماضية، أكثر من مرة، لمناقشة قضايا عدة، بالتزامن مع استعداد الرئيس الخامس والأربعين لدخول البيت الأبيض الشهر المقبل.
ونقل شكري رسالة شفهية من السيسي لترامب، خلال لقاء معلن جمعه مع نائب الرئيس المنتخب مايكل بنس الذي يُعدّ شكري أول مسؤول عربي يلتقي به بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي. وتضمنت الرسالة دعوة إلى ترامب لزيارة القاهرة في أقرب فرصة، وعقد قمة مصرية ــ أميركية، سواء في القاهرة أو واشنطن، مع بدء تسلمه السلطة، من أجل بحث الأوضاع في المنطقة وسبل استعادة تقوية العلاقات بين البلدين والتنسيق في مختلف المجالات.
وبحسب مصادر في وزارة الخارجية، قام شكري بلقاءات عدة غير معلنة مع الفريق المحيط بترامب والمرشحين للعمل معه، إضافة إلى لقاءات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي هدفت جميعها إلى التأكيد على استعداد مصر «للتعاون بقوة» مع الإدارة الأميركية الجديدة، علماً بأن زيارة مماثلة للوزير المصري سيجري الترتيب لها عبر السفارة المصرية في واشنطن خلال شهر شباط/ فبراير المقبل.

تعوّل القاهرة على «تحولات جذرية» في ظل إدارة ترامب

وتأتي الزيارة بعدما أعلنت الرئاسة المصرية أن السيسي هو أول رئيس يهنّئ ترامب من خارج الولايات المتحدة، في موقف سيعكس بوضوح تحوّلاً في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي تشهد حالة من الفتور منذ تسلم أوباما السلطة، على الرغم من زيارته القاهرة في حزيران 2009.
مبعث تفاؤل القاهرة بانتخاب ترامب مرتبط بالتأييد الواضح من الجنرال المصري للمليونير الأميركي وتوافقه معه بشكل كامل. فالسيسي صرّح عقب لقائه مع ترامب وهيلاري كلينتون في نيوريوك، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، بأن ترامب «سيكون قائداً وزعيماً قوياً»، بينما قال ترامب إنه سيكون «حليفاً وصديقاً قوياً لمصر، لكونها صاحبة دور رائد وحيوي في الشرق الأوسط وتشترك معه في قيم مواجهة التطرف والإرهاب»، فضلاً عن تعهده بإقرار قانون يعتبر فيه «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية.
إذاً، تأمل المحروسة استعادة العلاقات المصرية ــ الأميركية ووساطة مصرية في التواصل مع الخليج بما يشكل نقاط ضغط يمكن استخدامها في الأزمة المتصاعدة بين القاهرة والرياض خلال الفترة الحالية، خاصة أن الحسابات الأميركية في ظل إدارة ترامب ستشهد «تحولات جذرية»، وفقاً لمصادر في الرئاسة المصرية يعوّل فيها السيسي على لعب دور وساطة سيكون له أثر إيجابي في إعادة الرياض تابعاً للمواقف المصرية لا منافساً لها، فضلاً عن تراجع النفوذ الدولي للمملكة التي ربما تواجه آثاراً سلبية متصاعدة في ظل قانون «جاستا» الذي أقرّ مؤخراً.
على سبيل المثال، لن تخشى القاهرة من الآن فصاعداً أي اتهامات أميركية في مجال حقوق الإنسان، حتى لو مع استمرار صدور بيانات أميركية في هذا الشأن، لكنها لن تكون بالتأثير نفسه على العلاقات بين البلدين، خصوصاً على المستوى الرئاسي. وقد تكون الزيارة الأولى للسيسي للولايات المتحدة خلال الربع الأول من العام المقبل، تعقبها دعوة ترامب لزيارة القاهرة في أقرب فرصة، علماً بأن زيارته للولايات المتحدة سابقاً كانت مقتصرة على المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة. يرتبط الأمر أيضاً بالمساعدات العسكرية الأميركية، سواء التي تحصل عليها مصر بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» أو الصفقات التي يتم إبرامها، إذ من المتوقع حدوث انفراجة في هذا الشأن بصورة كبيرة وعدم المماطلة والتعطيل المتعمد أو استخدام هذه الصفقات كوسيلة ضغط على النظام المصري، في ظل توافق الرؤى بين السيسي وترامب.