لقي اتفاق وقف إطلاق النار الروسي ــ الأميركي المعلن في المنطقة الجنوبية من سوريا تجاوباً ملحوظاً من الطرفين المتحاربين في الميدان خلال اليوم الأول من بدء سريانه، اعتباراً من ظهر أمس. وشهدت جبهات مدينة درعا وريفها، إلى جانب محاور الاشتباك في القنيطرة، هدوءاً حذراً من قبل الجيش والفصائل المسلحة، مع تأهب عالٍ لتلك القوات تحسباً لأي انهيار (ولو مؤقتاً) للهدنة الجديدة.
وبالتوازي، لم تكن الجبهات المندرجة في «هدنة أستانا» على نفس حال الجنوب، إذ استمرت الاشتباكات بين الجيش والفصائل المسلحة في عين ترما على أطراف الغوطة الشرقية لدمشق، كما في أقصى ريف حماة الجنوبي، في محيط بلدة الزارة.
وبينما ينتظر ما ستخرج عنه النقاشات الأميركية ــ الروسية في عمّان من تفاصيل حول اتفاق «منطقة تخفيف التوتر» في الجنوب، تنطلق اليوم في جنيف الجولة السابعة من المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف السورية.

وقف إطلاق النار في جنوب سوريا على رأس أولويات إدارة ترامب
ومن المتوقع أن يستكمل فريق المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لقاءاته مع الوفدين الحكومي والمعارض، حول تفاصيل بعض السلال الأربع (الشؤون المتعلقة بالحكم، مسائل العملية الدستورية، مسائل انتخابية، مكافحة الإرهاب وحوكمة الأمن وإجراءات بناء الثقة) التي تم إقرارها خلال الجلسات الماضية. ومن المتوقع أن تكون الجولة الجديدة من المحادثات مشابهة لسابقتها من حيث إنجازاتها المتواضعة التي تحققت على طريق التسوية السياسية، لكونها ستكتفي بمحاور معزولة عمّا يجري على الأرض من اتفاقات ومعارك. وهذا ما أشار إليه دي ميستورا خلال وجوده في أستانا، حين طالب بعدم «رفع سقف التوقعات في محادثات جنيف المقبلة». ووفق ما تشير إليه المعطيات، فإن من المتوقع أن تتقاطع نقاشات جنيف مع أستانا في ملف المعتقلين والمختطفين، الذي يعدّ أحد البنود التي تطرقت إليها جولة محادثات أستانا الماضية من دون التوصل إلى تقدم فاعل. كذلك، يتوقع أن تدفع موسكو مجدداً عبر وفدها المواكب لاجتماعات جنيف نحو ضرورة الخروج بمشروع دستور سوري جديد، ضمن إطار الأمم المتحدة الذي خصّص مسبقاً إحدى السلال لنقاش المبادئ الدستورية.
ورغم عدم استقرار وقف إطلاق النار على معظم الجبهات في سوريا، فإن من المستبعد أن تتأثر المحادثات بأي تصعيد قد يشهده الميدان. ويبدو لافتاً غياب أيّ إعلان من الجانب المعارض عن تشكيلة الوفد المرتقبة للمشاركة في جنيف اليوم، خاصة أن فصل المنطقة الجنوبية عن مسار أستانا ولّد تخوّفاً لدى العديد من الأطراف المعارضة حول فقدانها لجبهة مهمة تستطيع استثمارها على طاولة التفاوض، لا سيما أن عدداً من وجوه تلك «الجبهة» حضرت بشكل فاعل في جولات ماضية من جنيف. وفي سياق متصل، شدد مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر على أن اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا يعدّ على رأس أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب. ولفت في بيان، أول من أمس، إلى أن ترامب بحث الاتفاق مع قادة دول مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في سلسلة تغريدات على موقع «تويتر» إلى أن «هذا الاتفاق هو جزء من مناقشاتنا مع روسيا والأردن خلال الشهور القليلة الماضية.... ولا تزال أمامنا مناقشات كثيرة عن عناصر مهمة مثل كيفية مراقبة وقف الأعمال العدائية وقوانين وقف التصعيد في منطقة جنوب غرب سوريا». واعتبرت الوزارة «الاتفاقية خطوة مؤقتة، وهدفها هو خلق بيئة أفضل لمناقشة وقف التصعيد... بشكل أكثر تفصيلاً وشمولاً»، مضيفة القول: «نتوقع أن تستمر مناقشاتنا مع كل الأطراف، ومنهم بالطبع الروس والأردنيون، خلال الأسابيع المقبلة، وخلال هذا الوقت نأمل أن تقلل الاتفاقية من العنف».
وكان نائب المبعوث الأممي، رمزي رمزي، قد أعرب عن أمله في أن يقود الاتفاق إلى دعم العملية السياسية، وإلى ترتيبات مماثلة في مناطق أخرى في سوريا، لافتاً من دمشق، أول من أمس، إلى أنه «خطوة تسير في الاتجاه الصحيح، وتدعم محادثات السلام». ويتقاطع حديث رمزي عن احتمال اتفاقات في مناطق أخرى مع ما أشار إليه ترامب أمس، بقوله إن الوقت قد حان للعمل «بشكل بنّاء» مع موسكو.
وفي سياق آخر، تابع الجيش السوري عملياته ضد تنظيم «داعش» على جبهات ريفي حمص وحماة الشرقيين، وتمكن من التقدم في شمال شرق منطقة جباب حمد، مسيطراً على التلال المشرفة على قرية البغيلية في ريف حمص الشرقي. كذلك استعاد السيطرة على مجموعة التلال والنقاط الحاكمة في جبل القليلات شمال غرب حقل الهيل.
(الأخبار)