القاهرة | هزّ هجومٌ إرهابي شبه جزيرة سيناء يوم أمس، وهو الهجوم الأضخم والأعنف هذا العام، ولا سيما بعد إقامة المنطقة العازلة على الحدود مع قطاع غزة وإخلاء السكان، ما من شأنه أن يربك الحسابات المصرية. وعقب الهجوم الدامي الذي أسفر عن استشهاد 26 ضابطاً وجندياً مصرياً مقابل «مقتل 40 من التكفيريين»، يُرجح انتماؤهم إلى تنظيم «داعش»، توجهت أصابع اتهام السياسي مجدداً إلى دولة قطر، في ظلّ الأزمة الخليجية الراهنة التي تقف فيها القاهرة إلى جانب الرياض وأبو ظبي والمنامة.
هذه الاتهامات عبّر عنها بوضوح رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب أسامة هيكل، الذي رأى أن ما حدث جاء «نتيجة التراخي في التعامل بحزم مع الموقف... وتمديد المهلة التي طلبتها الدوحة والبيان الهزيل الذي صدر عن اجتماع القاهرة يوم الأربعاء الماضي».
ويأتي الهجوم في وقتٍ حسّاس أيضاً على صعيد العلاقات بين القاهرة وحركة «حماس»، وخصوصاً بعد «الانفراجة» الأخيرة بينهما، التي تُرجمت بتفاهمات تم التوصل إليها أخيراً. وفي وقت يتوقع فيه أن يؤدي الهجوم إلى عرقلة أي إجراءات من شأنها فتح معبر رفح بانتظام، أدانت حركة «حماس» الهجوم، على نحو لافت، ووصفته بـ«الإرهابي الجبان»، وبأنه يستهدف «أمن واستقرار الأمة العربية»، وكذلك أصدرت السلطة الفلسطينية بياناً أدانت فيه الهجوم.

يتوقع أن يؤدي
الهجوم الإرهابي إلى
عرقلة فتح معبر رفح

وكانت «حماس» قد توصلت إلى اتفاق مع السلطات المصرية لإقامة منطقة أمنية عازلة على طول حدود قطاع غزة مع مصر، التي تسعى إلى تحسين علاقاتها معها، بالإضافة إلى تفاهمات بشأن فتح معبر رفح في أيلول المقبل. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم، إن الهجوم «لا يستهدف أمن مصر واستقرارها فحسب، بل أمن الأمة العربية جمعاء واستقرارها». وأضاف أن «هذا العمل الإجرامي من شأنه إدخال المنطقة في دوامة من العنف والقتل والإرهاب تماشياً مع مخططات تقسيمها ونهب مقدراتها وثرواتها».
في غضون ذلك، علمت «الأخبار» بأن «عشرات المسلحين وصلوا إلى النقطة المستهدفة، مستخدمين سيارات مفخخة كان يقودها انتحاريون أرادوا بها اقتحام التحصينات والحواجز الاسمنتية... قبل أن يبدأ تبادل إطلاق النار بين الكتيبة والإرهابيين، ما أجبرهم على الفرار». وقصفت الطائرات المصرية التي انطلقت فور الإبلاغ عن الهجوم عدداً من سيارات الإرهابيين في الصحراء، وهي السيارات التي فرت بعد صمود القوات والجنود. ووفق مصادر عسكرية تحدثت إلى «الأخبار»، بدأ الهجوم في الرابعة صباحاً واستمر لأكثر من ثلاث ساعات.
وقال عدد من الضباط والمجندين الناجين إن السيارات التي حاولت اقتحام الموقع كانت تحمل أعلام «داعش»، وتعاملت القوات معها بحسم مستخدمةً جميع الأسلحة التي بحوزتها، والتي كانت كافية لصد الهجوم. وتحدثت المصادر نفسها عن جنسيات أجنبية للقتلى من التنظيم، فيما عثر على كاميرا تصوير برفقة أحد القتلى وتم التحفظ على الكاميرا والشريط الذي عثر عليه معه.
واكتفت القوات المسلحة ببيان مقتضب للمتحدث العسكري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، فيما لم يعلن الجيش المصري أسماء الشهداء والمصابين، لكن عدداً من العسكريين كشفوا عن استشهاد قائد «الكتيبة 103 صاعقة»، العقيد أحمد صابر المنيسي، الذي خلف رامي حسنين، والأخير قضى في هجوم إرهابي مماثل العام الماضي. وتم تداول مقطع صوتي على نطاق واسع سجل للمنيسي في اللحظات الأخيرة وهو يستغيث بقوات المدفعية لقصف سيارات الإرهابيين، مؤكداً تماسكه مع الجنود الأربعة الباقين على قيد الحياة.