القاهرة | بعد تقلّص نفوذ تنظيم «داعش» والمساحات التي يسيطر عليها عقب تحرير مدينة الموصل في العراق، يُطرح سؤال عن مصير فروع التنظيم في الدول العربية والإسلامية، حيث «بايعت» التنظيم جماعات عدة، خصوصاً في مصر التي لم تسلم من العمليات الإرهابية في السنوات الأربع الماضية، تحت «راية» هذا التنظيم.
وشهدت مصر ما يقارب 1329 عملية إرهابية منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى 30 حزيران/ يونيو 2017. لكنّ المستجدات المتسارعة الأخيرة التي سددت ضربات إلى التنظيم في العراق وسوريا وحدَّت من رقعة انتشاره، تطرح تساؤلات عدة عما يمكن أن يحدث للتنظيمات الإرهابية المرتبطة بـ«داعش» في محافظة سيناء.
جماعة «أنصار بيت المقدس» التي يسميها «داعش» «ولاية سيناء»، هي الجماعة الأبرز في مصر منذ عام 2011. أعلنت مسؤوليتها عن الكثير من العمليات الإرهابية التي استهدفت قوات الجيش والشرطة، بل وهي المسؤولة عن محاولة اغتيال وزير الداخلية في أيلول 2013. وقد أعلنت الجماعة مبايعتها لأبي بكر البغدادي وأطلقت على نفسها اسم «ولاية سيناء» في تشرين الثاني 2014، عبر استعراض لقواتها على متن سيارات بأعلام «داعشية».
وتنقسم «أنصار بيت المقدس» بحسب أماكن تمركزها الجغرافي، فهناك مجموعة الوادي، مجموعة المنطقة المركزية، مجموعة الصحراء الغربية، ومجموعة منطقة الشرقية والإسماعيلية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الخلايا. وظهرت أخيراً مجموعة «جند الخلافة» التي أكد أميرها في حوار صحافي، أنهم غير «أنصار بيت المقدس» وأنهم بايعوا «داعش» أيضاً، ما عُدّ تمدداً آخر للتنظيم في مصر.
يرى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، أن هناك ثلاثة مسارات تسلكها التنظيمات التي بايعت «داعش»، ولا سيما «أنصار بيت المقدس» في مصر و«أنصار الشريعة» في ليبيا، وهي تنظيمات كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» من قبل. ومن هنا يأتي المسار الأول، إذ إن بإمكان البعض أن يعود إلى مبايعة «القاعدة» مثلما يفعل حالياً «بوكو حرام» في نيجيريا. أما المسار الثاني، فهو أن تقوم هذه التنظيمات بحلّ نفسها، مثل «ثوار بنغازي وسرت» وترك الحرية لأعضائها في اختيار التنظيم الذي ينضمون إليه.
لكن المسار الأقوى الذي يرجّح البحيري حدوثه خصوصاً لمن بايعوا «داعش» في مصر، هو التحوّل القُطري، أي أن يصبح هناك تنظيمات محلّية غير تابعة للتنظيم الرئيس. من الممكن أن تلجأ التنظيمات الصغيرة في مصر إلى هذ الأمر، مثل «حسم» و«لواء الثورة» و«العقاب الثوري» والعناصر السلفية الجهادية الأخرى، والتي قد تندمج مع «أنصار بيت المقدس» ليتكون تنظيمٌ جديدٌ في مصر عقب انهيار «داعش».
لكن كيف يؤثر هذا بحالة الإرهاب في مصر؟ يجيب البحيري بأنه حين ينفصل الإرهابيون في سيناء عن «داعش»، لن تنقطع صلاتهم بالتنظيمات الإرهابية الأخرى في الخارج، حيث سيظل التنسيق وتبادل الأفكار قائماً، كذلك إن الهيكل الجديد بعد الانضمام والاتحاد «لن ينتج منه سوى تأكيد لاستهداف الأقباط وبنية الدولة وممثليها من الجيش والشرطة». ويرى البحيري أنه قد ينتج من انضمام هذه المجموعات الصغيرة تبني خطاب مختلف عن خطابها الحالي بعضه يتعارض مع «الحاكمية».
وكانت القوات المسلحة المصرية قد أعلنت في السابق، مقتل خمسة من قيادات تنظيم «أنصار بيت المقدس» في غارة جوية استهدفت معاقل التنظيم في سيناء. وفي 2016 أعلن الجيش المصري أيضاً مقتل زعيم بيت المقدس وقتها، أبو دعاء الأنصاري، لكن العمليات الإرهابية بعدها التي تبناها التنظيم أكدت أنه لم يتأثر عملياً، ولا يزال قادراً على الوجود في سيناء والقيام بعمليات إرهابية بعيداً عنها.