أربيل | بدأت شيئاً فشيئاً ملامح صراع جديد داخل برلمان إقليم كردستان العراق وخارجه بين الأحزاب الكردية، بعدما باشر بقراءة أولية لأربعة مشاريع قوانين لتعديل قانون رئاسة الإقليم بهدف تقليص صلاحيات الرئيس، ليضاف إلى المشاكل الأخرى التي يعيشها الإقليم مع استمرار الخلاف على مسودة الدستور والخلاف على تحديد الرئاسة موعد الانتخابات الرئاسية قبل الاتفاق على آلية انتخاب الرئيس.
الحزب الديموقراطي الكردستاني، برئاسة رئيس الإقليم مسعود البزراني، صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر قاطع اجتماع البرلمان، رافضاً أي تعديل للقانون الذي يراه انقلاباً من قبل الأحزاب الأخرى عليه، علماً بأن الحزب يحضر رئيسه لفترة رئاسية جديدة، وخاصة أن كرسي الرئاسة من حصة الحزب حسب التوافقات السياسية بينهم.
مقاطعة كتلة «الديموقراطي» لجلسة البرلمان هي الأولى له منذ عام 2005 في مواجهة كل من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني والأحزاب الأخرى المعارضة سابقاً المتمثلة بحركة التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية.
تهدف التعديلات إلى
تقليص صلاحيات الرئيس وانتخابه من قبل البرلمان

وبدأت هذة المشكلة عندما بادرت الأحزاب الأربعة الى طرح أربعة مشاريع قانونية لتعديدل قانون الرئاسة بهدف تقليص صلاحيات الرئيس وانتخابه من قبل البرلمان والإصرار على عدم ترشح البرزاني لولاية ثالثة، وهو أمر يعتبرونه انتهاكاً لقانون رئاسة الإقليم النافذ، الذي يحظر تولي الرئيس أكثر من ولايتين متتاليتين.
وبعكس هذا التيار، يصر «الديموقراطي» على انتخاب الرئيس من قبل الشعب وعدم تقليص صلاحياته. وهذا الموقف جاء بعد أيام من تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في 20 آب المقبل، الذي رفضته الأحزاب من دون تعديل قانون رئاسة الإقليم، فيما اعتذرت المفوضية العليا للانتخابات عن عدم التحضير لها في المدة المتبقية.
ولأول مرة منذ تشكيل حكومة الإقليم في العام الماضي بمشاركة أغلب الأحزاب الرئيسية، تنقسم مكوناتها داخل البرلمان إلى قطبين متناحرين وسينسحب هذا الخلاف إلى المشاكل العالقة بين الأحزاب حتى خارج قبة البرلمان أيضاً.
المتحدث باسم كتلة «الديموقراطي» البرلمانية، محمد علي، يصر على رفض كتلته تعديل قانون رئاسة الإقليم ويربطه بموقف مقاطعة جلسة البرلمان من قبل كتلته.
وشدد محمد علي، في حديث إلى «الأخبار»، على أن «الخطوة من قبل الأحزاب ضد التوافق السياسي الذي بنيت على أساسه حكومة الشراكة الوطنية»، محذراً من أنه «إذا استمرت الأحزاب في المضي قدماً في إجراء قراءة ثانية لتعديل قانون الرئاسة بهدف إقراره بدون موافقتنا فسيكون لنا رأي آخر».
وحول إمكان إقرار القانون بأغلبية من دون مواقفة الحزب الديموقراطي، لفت محمد علي أنه «ليس هناك تعريف للأقلية والأغلبية في الديموقراطية التوافقية».
الضربة الموجعة التي تلقاها «الديموقراطي» في هذا الصراع الجديد كانت موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني المصر على تعديل قانون رئاسة الإقليم. ومعلوم أن «الاتحاد» أقرب الأحزاب إلى «الديموقراطي» وقد وقع الحزبان في عام 2007 على اتفاق استراتيجي بينهما لمراعاة سياسة بعضهما البعض ودخول الانتخابات بقائمة موحدة وتوحيد مواقفهما السياسية.
النائب عن «الاتحاد الوطني»، بيكرد الطالباني اعتبر طرح مشاريع القوانين لتعديل قانون الرئاسة منفذاً قانونياً إلى حل مشكلة كرسي الرئاسة القادمة للإقليم، مشيراً إلى أن قراءة قوانين التعديل جاءت لبلورة التوافقات السياسية عليها بين الأحزاب.
وأوضح الطالباني في حديث إلى «الأخبار» أن «سبب تحفظ (الديموقراطي) من قراءة تعديلات قانون رئاسة الإقليم هو أنهم يريدون انتخاب رئيس الإقليم من خارج البرلمان، في حين تشير المشاريع الأربعة للأحزاب الرئيسية إلى انتخاب رئيس من داخل برلمان».
ويبقى شهران كمدة فاصلة أمام الأحزاب الرئيسية في الإقليم لحسم مسألة الرئيس المقبل للإقليم من دون حدوث فراغ قانوني قبل نهاية شهر آب المقبل، أي تاريخ انتهاء ولاية البرزاني الرئاسية. وما زاد الطين بلة أنه حسب قانون الرئاسة النافذ، فإن البزراني لا يستطيع الترشح لولاية الثالثة في وقت يبحث فيه الحزب الديموقراطي الكردستاني عن سبل قانونية لترشيحه، حتى لو كانت عن طريق توافقات سياسية خارج قبة البرلمان وتمديد ولايته بعد ذلك من داخل البرلمان.
ويستبعد سكرتير البرلمان، فخردين قادر العمل بمبدأ الأغلبية في إمرار تعديل قانون الرئاسة قبل انتهاء ولاية البرزاني ويربط حسم هذه المسألة بتوافقات بين الأحزاب السياسية.
وأوضح قادر في حديث إلى «الأخبار» أن «كرة مسألة رئاسة الإقليم الآن في ملعب الأحزاب، لا في البرلمان» وشدد على أنه «ليس هناك وقت كاف لحسم هذه المسألة، وتأخيرها ليس في صالح الأحزاب وخاصة الحزب الديموقرطي الكردستاني الذي يعدّ منصب رئيس الإقليم من نصيبه».
ويتوقع المحلل السياسي جرجيس كوليزادة لجوء الحزب الديموقراطي إلى لعب كل الأوراق المتاحة أمامه لإفشال تعديل قانون رئاسة الإقليم بما فيها مراجعة توافقاته مع الأحزاب الأخرى من داخل الإقليم وفي الحكومة المركزية أيضاً، معتبراً مقاطعة كتلة «الديموقراطي» لجلسة البرلمان بمثابة رسالة تحذير إلى الأخزاب الأخرى.
وشدد كوليزادة في حديث إلى «الأخبار» على أنه «كلما أصر الحزب الديموقراطي على ترشيح البرزاني لرئاسة الإقليم مع عدم قدرته قانونياً، يصبح الاتفاق على تمديد ولايته أكثر تعقيداً، لذا يجب على «الديموقراطي» أن يكون أكثر مرونة في هذا الشأن».