تواكب إسرائيل عن كثب عودة الحميمية إلى العلاقات الأميركية ــ السعودية، ليس من موقع المراقب فقط، بل من موقع المعني المباشر بالأمر. فهي تراهن بقوة على انعكاسه إيجاباً في المسار الموازي للعلاقات الثنائية بينها وبين المملكة الخليجية، التي لا تزال حتى الآن في الإطار غير المعلن، رغم تمرير إشارات واضحة بشأنه، بين وقت وآخر، عبر مسؤولين إسرائيلين.
في هذا السياق، نشرت صحيفة «معاريف» تقريراً مطولاً رأت فيه أن تعزيز العلاقات الإسرائيلية ـــ الخليجية هو أحد المتفرعات عن تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج. وتحدث التقرير عن «وجود نشاط متبادل قائم بين السعودية وإسرائيل»، مشيراً إلى أن «المعلومات حول النشاط التجاري والطبي بين الجانبين لا يزال تحت مستوى التغطية، كذلك فإن حجم التعاون التجاري غير واضح، وهذا الكتمان يخدم مصالح الجانبين».
ورأى التقرير أن «التطلع إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لم يكن أبداً بهذا القدر من الحافزية الذي هو عليه اليوم». وينقل معد التقرير عن المحلل السعودي باسم يوسف، قوله إن «رجال أعمال وشركات تجارية إسرائيلية تعمل في دول الخليج منذ سنوات... في معظم الأحيان، لا تعرّف هذه الشركات نفسها بأنها إسرائيلية بوضوح، لكن الجميع مطلع على واقعها».
كذلك ينقل عن عميرام، وهو اسم وهمي لأحد «المطلعين على النشاط الإسرائيلي التجاري القائم في الخليج»، قوله إن «دول الخليج تدير علاقات اقتصادية مباشرة مع إسرائيل»، لافتاً إلى «كل شركة ذات هوية أجنبية يمكنها أن تعمل في الخليج، والشركات الإسرائيلية هي شركات دولية، وكل واحدة منها لديها شركات فرعية أميركية أو أوروبية».
لكن «رغم الشعور بتقدم العلاقات السعودية ــ الإسرائيلية»، يرى عميرام أن «هناك فجوة كبيرة بين العلاقات القائمة حالياً والعلاقات الطبيعية التي تعني الوقوف معاً أمام الكاميرات وقول ذلك بصراحة». وحول التصريحات التي أُطلقت في «قمة الرياض» بشأن القضية الفلسطينية وحلّها، رأى عميرام أنها لم تكن أكثر من «ضريبة كلامية»، معتبراً أنه في مرحلة «ما بعد الربيع العربي احتل الاستقرار الاقتصادي والأمني مكان التعاطف مع القضية الفلسطينية التي صارت أمراً بعيداً. رغم ذلك، يرغب السعوديون في رؤية الإسرائيليين والفلسطينيين يتوصلون إلى اتفاق. وهم لا يبالون حقيقة حول طبيعة هذا الاتفاق».
تقرير «معاريف» تحدث عن أحد الأوجه الإضافية للعلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية، وهو المتعلق بالمجال الطبي. وكشف عن «إحدى القصص المعروفة في هذا المجال، وهي قصة إنقاذ حياة إحدى الأميرات من دولة البحرين التي كانت بحاجة إلى عملية مستعجلة، فأُحضرَت إلى قبرص ومن هناك إلى إسرائيل. وعندما وصلت إلى المطار، نُقلَت مباشرة إلى مستشفى رامبام، حيث خضعت لعملية في قسم القلب».
وينقل التقرير عن المحلل السعودي يوسف قوله إن «إسرائيل معروفة بتطورها الطبي، وهذا الأمر يجذب الأشخاص الميسورين مادياً من السعودية ودول الخليج. هناك آلية معروفة تتيح هذا الأمر. عامة، وبعد إجراء التنسيقات اللازمة، ينقل المرضى من المطار إلى المستشفيات مباشرة. وهذا بطبيعة الحال يساعد على تطبيع العلاقات».
ويلفت التقرير إلى أنه «جرى التلميح علانية إلى العلاقات بين إسرائيل والسعودية في أكثر من مناسبة»، مذكراً في هذا الإطار بتصريح لوزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعالون، الذي تحدث عن لقاءات سرية مع أمراء سعوديين، وكذلك بالموقف الأخير لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي أعرب بدوره عن أمله في تحول العلاقات السرية مع «دول عربية سنية» إلى علنية.