يبدو أن الحملة السياسية والإعلامية التي تقودها الرياض وبعض حلفائها على الدوحة لن تخمد قريباً. ويشير استمرار التصعيد السعودي ضد قطر إلى أن التصريحات النارية التي بدأت قبل أيام، لم تكن مجرّد «زلّة» أو حادثة عرضية تنضم إلى سجلّ التشنّج الذي يسم العلاقة بين الدولتين والذي شهد صعوداً ونزولاً في السنوات الأخيرة. فـ«الحرب» الكلامية مستمرّة في السعودية ضدّ «الحليفة اللدودة» التي يبدو أنها قررت الردّ وإن بصورةٍ غير رسمية، عبر فيلمٍ نُشر إلكترونياً أمس، يهاجم دولة الإمارات من دون أن يحمل توقيعاً.
وآخر فصول الهجوم السعودي، بيان صادر عن آل الشيخ في السعودية نشرته صحيفة «عكاظ» أمس، والذي «يتبرّأ» من مسجد محمد بن عبد الوهاب الذي افتتحته قطر عام 2011، لأن هذا المسجد «لا علاقة له بدعوة مؤسس المذهب الوهابي»، إلى جانب إجماع الصحف السعودية على تسخير صفحاتها الأولى للهجوم على قطر وأميرها و«اتهامه» بالتواصل مع طهران. وقال البيان الذي نشرته «عكاظ» إن «200 من أحفاد محمد بن عبد الوهاب طالبوا بإعادة تسمية المسجد (أهمّهم مفتي السعودية ورئيس الشورى ووزير الشؤون الإسلامية)»، وأن «أمير إحدى الدول الخليجية الذي قام ببناء مسجد باسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية في بلده، مدعياً أنه جدّه برغم أن من يتولون الإمامة والخطابة في المسجد لا يمتّون بصلة لنهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته السلفية».
وعلى هذا المنوال، سارت صحيفتا «الجزيرة» و«عكاظ» وقد وصلت بهما الأمور إلى صفحاتهما الرياضية التي تضمّنت تحقيقاً بعنوان «منتخبات المرتزقة... ازدراء في المحافل الدولية» عن المنتخبات الرياضية القطرية المؤلفة بمعظمها من لاعبين أجانب. وبالطبع، إن الصحافة السعودية لم تكتشف أمر هذه المنتخبات أمس، لكن يبدو أنها «تجنّد» كل ما من شأنه تقريع الدولة الخليجية ضمن الحملة التي ليست واضحة نتائجها بعد ولا على ماذا سوف ترسو.
وبدأت هذه الحملة يوم الثلاثاء الماضي، بعدما بثت قنوات تلفزيونية سعودية وإماراتية تصريحات نُسبت إلى أمير قطر تميم بن حمد، خلال مراسم تخريج دفعة من المجندين، قال فيها إن من غير الحكمة معاداة إيران ورفض تصعيد الخلاف معها. وقيل كذلك إن تميم أدان في هذه التصريحات وضع حزب الله وحركة حماس على قائمة الإرهاب باعتبارهما حركتي مقاومة، واتهم كلاً من السعودية والإمارات والبحرين بالتحريض على قطر واتهامها برعاية الإرهاب.
وعلى الرغم من نفي وكالة الأنباء القطرية صحة هذه التصريحات، وتأكيدها أن موقعها تعرّض للقرصنة، استمرت وسائل الإعلام السعودية في هجومها على الأساس نفسه.

الفيلم المنشور
تحدّث عن دعم أبو ظبي للأسد بـ 10 مليارات دولار

ويوم أمس، عنونت صحيفة «عكاظ» صفحتها الأولى على الشكل الآتي: «أمير قطر يتصل بروحاني ويعده بمزيد من التعاون وتعزيز العلاقات... وانفضحت لعبة نفي التصريحات... الدوحة تواصل استعطاف ملالي طهران».
في المقابل، نشرت صفحة على «تويتر» تحمل اسم «الأيادي السوداء» فيلماً بعنوان «الأيادي السوداء... وثائقياً عن المؤامرة التي يقودها محمد بن زايد وعصابة أبو ظبي»، يتناول ما سماه «الأطماع التوسعية للإمارات». الفيلم الذي نال انتشاراً كبيراً، وفاق عدد مشاهداته خلال ساعات الأربعين ألفاً، عرض تاريخ الدولة الإماراتية منذ انسحاب بريطانيا من الخليج، وظهر في الفيلم الأمين العام لحزب «الأمة» الإماراتي المحظور، حسن الدقي، معلقاً وراوياً تفاصيل في الفيلم، بالإضافة إلى شخصيات عدة أخرى. ورصد الفيلم الذي يبدو أنه نُفّذ باحترافية، دور الأمير محمد بن زايد في الدول العربية و«تشويه صورة الإخوان المسلمين»، ودور أبو ظبي في «الثورات المضادة» وانقلاب الرئيس عبد الفتاح السيسي على حكم محمد مرسي، وكذلك دورها في ليبيا واليمن، ومخططات حكام الإمارات في المنطقة العربية.
وتناول الفيلم دور الإمارات في سوريا، وخصوصاً ما سماه «دعم الإمارات لنظام (الرئيس) بشار الأسد اقتصادياً بـ 10 مليارات دولار» وفق ما أورده، بالإضافة إلى «مطامع إماراتية في جنوب اليمن». وأضاف أن أبو ظبي «زودت النظام السوري بتقنيات اتصالات حديثة وصواريخ، وقدمت له تسجيلات لرصد معارضين». وتحدث أيضاً عما سمّاه «زنازين الرعب» في السجون الإماراتية، وما يجري فيها من «تحقيق محفوف بالتعذيب والتنكيل».
تجدر الإشارة إلى أن السعودية والإمارات ومصر كانت قد حجبت في معرض الحملة نفسها عدداً من المواقع القطرية، من بينها مواقع «الجزيرة» ووكالة الأنباء القطرية، إضافة إلى حجب قناة «الجزيرة» في الإمارات.
(الأخبار)