يخشى الجيش الإسرائيلي من اليوم الذي يلي الحرب الأميركية القائمة حالياً ضد «داعش»، في كل من العراق وسوريا. ضباط رفيعو المستوى في الاستخبارات الإسرائيلية أشاروا لوسائل إعلام أميركية، في رسالة عُدّت تحذيراً من مغبة المضيّ قدماً في «هزيمة داعش»، إلى أنّ الولايات المتحدة ستندم على ما تقوم به، والنتيجة ستكون أسوأ.
عدد من الضباط الإسرائيليين الميدانيين في قيادة المنطقة الشمالية، وكذلك في الأركان العامة والاستخبارات العسكرية، عبّروا في حديث مع مجلة «بوليتيكو» عن خشية عميقة من الجهد الأميركي لمحاربة «داعش»، الأمر الذي «يؤدي إلى دفع السكان المحليين إلى التطرف والى مزيد من المتطرفين، وإلى إعادة انتشارهم، بعد هزيمتهم في العراق وسوريا، في لبنان لزرع الخراب فيه، وهو حالياً على حافة الانهيار، وكذلك في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث يخشى الأردنيون سيناريو كهذا».
وشكّك رئيس القسم الاستراتيجي في شعبة التخطيط في الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، العميد رام يفني، في جدوى الاستراتيجية الأميركية في العراق سوريا، وقال «لست متأكداً من أن هزيمة داعش عمل سهل، كما يدّعي الاميركيون».
بدلاً من الاستراتيجية الأميركية الحالية، التي لن تجبي إلا الندم، يشير يفني إلى ضرورة التركيز على الخطر الإيراني والابتعاد عن الانشغال بالتنظيمات الجهادية السنية. وقال «كي أكون صريحاً معك، المحور المتطرف بقيادة إيران أخطر من محور الجهاد العالمي، لأنه أكثر معرفة وأقوى، ولديه ترسانة عسكرية ضخمة.
جهات عسكرية إسرائيلية، تضم قادة ومسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية فضّلوا عدم كشف أسمائهم، أشارت إلى أن «المقبل أسوأ بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا، إذ إن تحرير مدينة الموصل قد يحوّل داعش وما يتفرع عنه إلى أماكن أخرى في المنطقة، والى تهديد أكبر ضد المصالح الغربية». وأضافت الجهات العسكرية الإسرائيلية، في محاولة غير مسبوقة لتظهير «داعش» كتنظيم «غير معاد وأقل سوءاً من تنظيم القاعدة»، أن هذا التنظيم لم يولد بناءً على مبدأ محاربة الغرب، بل من أجل النهوض بالإسلام، لكن بأسلوب وبشكل أكثر صرامة وعنفاً.
وقال ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية، إن «ما يقوله داعش منذ أن وجد، وما يعمل عليه، هو تثبيت مفهوم الخلافة وتثبيت وضعه الداخلي في المقام الأول، ومن ثم، لاحقاً، محاربة القوى الخارجية». وقال الضابط: «أميركا فشلت في فهم ما يجري، وفي فهم المصالح المتضاربة والتحالفات المتغيرة باستمرار بين هذه الجماعات، بما يشمل سوء تقدير للدعم المحلي الذي يحظى به تنظيم داعش».
وأضاف الضابط أنّ الخطأ هو «محاولة إحلال المنطق الغربي داخل عقلية عربية شرقية، ما يعني الفشل... فالغرب لا يفهم المجتمع العشائري العربي في الشرق الأوسط. في شرق سوريا، مثلاً، يُعتقد بأن داعش أقوى نسبياً بفضل دعم السكان، بما فيهم العشائر وغيرهم».
قيادي في الجيش الإسرائيلي أضاف أنّ «ما يُجمع عليه، الآن، أن (الرئيس السوري بشار) الأسد يحقق النصر، لكن في موازاة ذلك هو مدين جداً لحزب الله الذي خاض حربين في مواجهة إسرائيل، وهو الآن دولة ضمن دولة في لبنان، ويسعى بدوره إلى توسيع قاعدة عملياته الجديدة في سوريا، ما يعني مجالاً جديداً للنفوذ الإيراني... وإذا انتصر الأسد، فسنكون في مواجهة حزب الله في جبهة واحدة، في سوريا ولبنان».
ورداً على سؤال: هل هذا يعني أن على الولايات المتحدة وحلفائها أن يسمحوا ببقاء داعش والخلافة والسيطرة على أجزاء من سوريا والعراق؟ أجاب الضابط: «ولِمَ لا؟ داعش يقتل القاعدة بالآلاف، والقاعدة تقتل داعش بالآلاف، وكلاهما يقاتلان حزب الله والأسد».