القاهرة ــ الأخبار | احتوت وزارة الخارجية المصرية، بالتنسيق مع هيئة «الرقابة الإدارية»، فضيحة جديدة كادت تعصف بها، وذلك مقابل تمرير العديد من القرارات التي كان يرفضها وزير الخارجية، سامح شكري، في السابق.
فمنعاً لخروج فضيحة اختلاس السفير المصري في برلين أموالاً، وافق شكري على قرار نقل دبلوماسيين إلى أعمال أخرى بموجب قرارات رئاسية، في خطوة عكست التنازلات مقابل عدم الخوض في القضية الدبلوماسية الراهنة، وذلك على غرار ما حدث في مجلس الدولة عندما خضع أمينه العام السابق للتحقيق بقضايا فساد مالي قبل أن يقدم على الانتحار في أثناء احتجازه.
ومن المتوقع إعفاء السفير المصري الحالي في ألمانيا بدر عبد العاطي، من منصبه وإعادته إلى القاهرة في أقرب حركة دبلوماسية، علماً بأنه يجري تداول تفاصيل الأزمة في الخارجية المصرية منذ أكثر من شهر وفي المجموعات المغلقة للدبلوماسيين، لكن حتى الآن لم يوجه اتهام رسمي إلى عبد العاطي الذي شغل منصب المتحدث باسم الخارجية لفترة طويلة.
وخرجت وزارة الخارجية يوم أمس، عن صمتها ببيان رسمي مقتضب حول القضية التي فُجِّرَت إعلامياً مع دخول قرار نقل الدبلوماسيين حيِّز التنفيذ بداية الشهر الجاري. ونفى البيان بنحو قاطع «توجيه أية اتهامات بالاختلاس إلى سفير مصر في برلين، أو تسجيل إحدى سيارات السفارة باسم السفير المصري»، وهي صيغة فضفاضة لم تنفِ وقوع الجريمة، لكنها اكتفت بعدم تأكيد توجيه اتهام رسمي للسفير.

القرارات التي كانت سابقاً في يد الوزارة تخرج اليوم من قصر الرئاسة

وفي ما يتعلق بنقل خمسة دبلوماسيين للعمل بمواقع أخرى في الجهاز الإداري للدولة، أكدت الوزارة أن لديها جهازاً رقابياً داخلياً يتابع مدى التزام معايير العمل الدبلوماسي وقواعده، «الذي يقتضي توافر أقصى درجات الالتزام الوظيفي، اتساقاً مع الطبيعة البالغة الحساسية لهذا العمل»، مضيفةً أن توافر القدرات الرقابية في وزارة الخارجية ولدى الأجهزة الرقابية التي تنسق معها «هو أمر يستحق التقدير».
وبرغم عدم سابقة تحرك الرقابة الإدارية في ملفات متعلقة بوزارة الخارجية، يأتي التحرك الأخير في سياق الضغوط التي تتعرض لها الوزارة وتهميش دورها بنحو كبير حتى في القرارات المهمة التي يجري اتخاذها. فهذه القرارات إما تخرج مباشرة من قصر الرئاسة أو من القوات المسلحة التي أصبحت، على سبيل المثال، مسؤولةً عن الملف الليبي بنحو كامل في العام الأخير، وجرى إقصاء الخارجية من المشهد بشكل كامل. وحتى الآن يبدو وزير الخارجية، سامح شكري، في موقف لا يحسد عليه، خصوصاً أن الأجهزة الرقابية تستغل صلاحياتها القانونية في التفتيش على جميع الأوراق والمستندات بنحو مفاجئ. هذه الخطوة يفسرها دبلوماسيون شباب بأن المقصود منها «التنكيل بهم»، على عكس الفترات السابقة التي كان يجري فيها التعامل بشكل آخر أكثر احتراماً وضماناً لمكانتهم الدبلوماسية.
ومن بين ما يتداوله هؤلاء في بعض الدوائر، أنّ شكري فضل التكتم على القضية وتقديم التنازلات حفاظاً على مكانة الخارجية وصورتها أمام الرأي العام، وحصل على ضمانات بهذا الأمر، لكن التنازلات التي يتحدثون عنها تشمل توغل مستشارين للرئيس في صلاحياته بنحو كبير، بالإضافة إلى خفض ميزانية الوزارة وتقليل البدلات المالية وانتزاع مزايا عديدة يحصل عليها الدبلوماسيون بالفعل.
ويخالف عدد غير قليل وجهة نظر الوزير في التعامل مع الأزمة، ورفضه الكامل لسرعة إعادة عبد العاطي من برلين بهدف عدم تصعيد الموقف والاكتفاء بالمواءمات التي توصّل إليها مع الرقابة الإدارية وجهات سيادية تضمن عدم مساءلته حتى بعد عودته، ويفترض أن يقدم استقالته من منصبه «لأسباب صحية»، أو قد يتعرض للتهميش ويعمل في ديوان الوزارة في وظيفة إدارية.