بينما يواصل تحالف العدوان عمليات القصف المنهجي للبنية التحتية والمنشآت الاقتصادية والمراكز الصحية اليمنية، وتستمر السعودية في سياسة الحصار وإحكام قبضتها على المرافئ والمطارات في البلد، أُعلنت في العاصمة اليمنية صنعاء حالة الطوارئ لمواجهة التفشي المتسارع لوباء الكوليرا، الذي حصد 115 يمنياً على الأقل.
ووصفت وزارة الصحة العامة والسكان في حكومة الإنقاذ أمس، العاصمة بـ«المنكوبة صحياً وبيئياً»، وذلك في ظل عجز القطاع الصحي بعد عامين من الاستهداف المباشر عن مواجهة موجة التفشي الثانية للكوليرا في أقل من عام.
وأكّدت الوزارة في بيان، أن «أعداد الإصابات تتجاوز المعدلات الطبيعية وتفوق قدرة النظام الصحي... الذي بات عاجزاً عن احتواء هذه الكارثة الصحية غير المسبوقة»، مشيرة إلى أنّ «عدد الإصابات في الأسبوعين الماضيين تجاوز الألفين». ووجهت «نداء استغاثة عاجل» إلى كل المنظمات الدولية والمحلية، ودعتها إلى «تحمّل مسؤوليتها الإنسانية والصحية».

لا تلقى تحركات ولد الشيخ أي صدى في الميدان المشتعل

ووفق «منظمة الصحة العالمية»، فإن 7.6 ملايين يمني يعيشون في مناطق مهددة بخطر انتقال عدوى الكوليرا، فيما تظهر البيانات الرسمية رصد حالات إصابة في عدد من المدن الكبرى، مثل الحديدة وحجة وإب وتعز وعدن، لكن العدد الأكبر هو في صنعاء.
يشار إلى أن صنعاء تواجه نتيجة العدوان، والابتزاز المالي الذي تمارسه حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، أزمة رواتب دفعت عمّال النظافة إلى الإضراب، ما سبّب أزمة نفايات أسهمت في التفشي السريع للكوليرا.
وجاء إعلان الطوارئ بعد يوم من إعلان «منظمة الصليب الأحمر» أن 115 شخصاً توفّوا بسبب الكوليرا في البلاد بين 27 نيسان و13 أيّار، وأن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بلغ 8595 حالة، أي إنه تضاعف ثلاث مرات في خلال أسبوع واحد، وهو عدد يفوق القدرة الاستيعابية والطبية لما بقي من مستشفيات في العاصمة. وفي خلال العامين الماضيين، تزايدت عمليات القصف المنهجي من طائرات «تحالف العدوان» لأهداف غير عسكرية في اليمن، وبالأخص المستشفيات والمرافق الصحية، التي أُقفل 270 منها على الأقل.
كذلك استُهدفَت المصادر الاحتياطية لتغذية مياه الشرب ومخازن معدات الحفر والتنقيب، ودمّر نحو 307 من خزانات وشبكة مياه، إضافة إلى مئات الآبار، الأمر الذي ترك أكثر من 85% من السكان يعانون من أجل الحصول على المياه للشرب والاستحمام، طبقاً للأمم المتحدة.
في هذا السياق، قالت الخارجية الفرنسية في بيان أمس، إن باريس خصصت مليوني يورو للإسهام في مكافحة الكوليرا في اليمن، معربة عن «أملها في التوصّل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة».
يأتي ذلك بعد يوم من إعلان المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، سعي الأمم المتحدة إلى «التوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن قبل حلول شهر رمضان، تمهيداً للدخول في جولة جديدة من المحادثات بين الأطراف، ووقف العمليات العسكرية باتجاه مرفأ الحديدة». وكرّر ولد الشيخ تصريحاته المعتادة عن ضرورة «وقف النزاع»، ودعوته الأطراف إلى «تقديم تنازلات».
لكن كلام المبعوث الأممي لا أثر له على الأرض، مع استمرار الاقتتال والاشتبكات على أكثر من محور في مختلف المحافظات. إذ تمكّنت كتائب «أبو العباس» السلفية أمس من التقدّم في جبهة الكدحة في مديرية موزع غرب محافظة تعز، بعد مواجهات عنيفة مع حركة «أنصار الله»، التي وفق مصادر صحافية تعرّضت مواقعها لقصف من بوارج تابعة لتحالف العدوان، وخاصة من تلك التابعة للإمارات التي «تساند كتائب أبو العباس في سعيها للتقدّم باتجاه معسكر خالد».
في المقابل، قالت قناة «المسيرة»، التابعة لـ«أنصار الله»، إنه جرى «صد زحف لمرتزقة العدوان باتجاه الكدحة وسقوط قتلى وجرحى في صفوفهم وتدمير مدرعة إماراتية بقذيفة بي 10»، ولم تُشر إلى مزيد من التفاصيل. وكانت الحركة قد أعلنت أول من أمس سقوط صاروخين من نوع «زلزال 2» على تجمعات لمقاتلين موالين لتحالف العدوان في ميدي، شمال غرب محافظة حجة. كذلك أعلنت إسقاط طائرة استطلاع تابعة للتحالف، قائلة إنها «الطائرة الرابعة التي يسقطها الجيش واللجان الشعبية بخلال 3 أسابيع في ميدي».