باريس | قدّم وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، خلال اجتماع خاص لـ«مجلس الدفاع» الفرنسي عقُد في قصر الإليزيه أمس، تقريراً أمنياً تم إعداده بالاستناد الى معلومات أجهزة الاستخبارات الفرنسية يتهم النظام السوري بالضلوع في الهجوم الكيميائي، الذي راح ضحيته 87 مدنياً في خان شيخون، يوم 4 نيسان الجاري.
وكان أيرولت قد أعلن، قبل خمسة أيّام، أن الاستخبارات الفرنسية تمتلك «معطيات من شأنها أن تبرهن أن النظام السوري استعمل السلاح الكيميائي بشكل متعمد»، واعداً بتقديم تقرير أمني يثبت أن «استعمال غاز السارين (في هجوم خان شيخون) أمر لا يمكن التشكيك فيه، وأن مسؤولية النظام السوري لا يمكن التشكيك فيها أيضاً، بسبب مواصفات تصنيع السارين المستعمل».
ووفقاً لصحيفة «لوموند» التي انفردت بنشر مقتطفات من هذا التقرير الأمني في عددها الصادر أمس، فإن «معلومات أجهزة الاستخبارات الفرنسية تكمّل معلومات نظيراتها الأميركية والبريطانية... لكنها لا تقدم برهاناً قطعياً على أن (الرئيس الأسد) أصدر أوامر مباشرة بشنّ هذا الهجوم».
وقالت الصحيفة إن التقرير الأمني الفرنسي استند الى مذكرات استخباراتية رُفعت عنها السرية خصيصاً لإعداد هذا التقرير. وتقدّم تلك المذكرات تحليلاً مفصّلاً لما حدث في خان شيخون، بالاعتماد على «عيّنات أُخذت من أرض الجريمة، وعلى فحوصات بيولوجية وطبية أجريت للضحايا في المستشفيات». وأضافت أنّ التقرير خلص إلى أن «كلّ ذلك يثبت أن الأمر يتعلق بغاز سارين، وأن المكونات المستعملة في استخلاص وتصنيع الغاز المدمر للأعصاب، الذي استعمل في هجوم خان شيخون، تشكل أدلة اتهام مباشرة للنظام السوري، فهي المكونات ذاتها المستعملة في مختبرات النظام، وبالأخص منها مركز الدراسات والأبحاث العلمية السوري»، مشيرة إلى أنّ «التحاليل بيّنت وجود مكوّن كيميائي ثانوي يشكل إحدى خصوصيات تقنية التصنيع السورية، وهي مادة Hexamine».
ووفقاً لتسريبات صحيفة «لوموند»، دائماً، فإن التقرير الأمني الفرنسي رأى أن «مثل هذه الهجمات تندرج في سياق استعمال مستمر، منذ عام 2013، لأسلحة أو مواد كيميائية في غارات جوية بسوريا، وقد سبق لفرنسا أن تثبّتت، في مناسبات عدة، من استعمال الكلور والسارين». أما بخصوص هجوم خان شيخون تحديداً، فقد اعتبر التقرير الأمني أن المكونات الكيميائية التي رُصدت تؤشر إلى «تقنية تصنيع تحمل توقيع النظام السوري». وأضاف أن تركيبة تصنيع غاز السارين الذي استُعمل في خان شيخون «مطابقة تماماً للسارين الذي عُثر عليه في قنبلة يدوية لم تنفجر، تم إلقاؤها من مروحية عسكرية خلال غارة على مدينة سراقب، بتاريخ 23 نيسان/ أبريل 2013».
ونقلت «لوموند» عن مصدر دبلوماسي فرنسي أن «كل هذه المعطيات المتطابقة تتهم نظام دمشق، سواء تعلق الأمر بتركيبة الغاز الكيميائي وتقنية مزجه وتصنيعه أو بالوسائل العسكرية لاستعماله. فالنظام السوري هو الوحيد (من بين أطراف النزاع في سوريا) الذي يمتلك مروحيات مثل تلك التي قصفت سراقب، وطائرات سوخوي 22 كتلك التي شنّت ست غارات على خان شيخون انطلاقاً من قاعدة الشعيرات العسكرية».
من جهة أخرى، اتهم التقرير السلطات السورية بالتستّر على جزء من ترسانة أسلحتها الكيميائية، التي يُفترض أن تكون قد فُكّكت بالكامل، وفقاً للاتفاق المبرم مع «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، في تشرين الأول/ أكتوبر 2013. ورأى التقرير أنّ «شكوكاً قوية لا تزال قائمة بخصوص دقة وشمولية وصدقية تفكيك الترسانة الكيميائية السورية»، متّهماً النظام السوري بأنه «احتفظ بقدرات سرية على إنتاج غاز السارين وتخزينه»، كما أنه «لم يصرّح (لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية) عمّا يمتلكه من ذخائر تكتيكية وقنابل يدوية وقذائف، مثل تلك التي استعُملت بشكل متكرر منذ عام 2013».