القاهرة | تسعى الحكومة المصرية إلى استغلال انشغال المواطنين خلال شهر رمضان معطوفاً عليه جمود التفاعل السياسي فيه، لتمرّر عدّة قوانين مهمّة، خصوصاً أن غياب البرلمان يُسهم في تسريع إمرار القوانين التي سيكون من ضمنها قانون الانتخابات، وذلك للبدء في إجراءات دعوة الناخبين للاقتراع، بعد عطلة عيد الفطر، إذ من المتوقع إجراء الانتخابات البرلمانية، خلال أيلول وتشرين الأول المقبلين.وفوق حصول الحكومة على موافقة بتعديل قانون المحكمة الدستورية ــ الذي يلزمها الفصل على مدّة زمنية محدّدة ــ وذلك لجعل الفصل في الطعون بعدم دستورية مواد القانون مفتوحاً وغير محدد، فقد خاطبت (الحكومة) قسم «الفتوى والتشريع» في مجلس الدولة لمعرفة مدى جواز وضع نص قانوني يحمي البرلمان من الحل وتأجيل تنفيذ أي حكم محتمل من المحكمة الدستورية، بعدم دستورية قوانين الانتخابات، حتى الانتخابات التالية.

جاءت مخاطبة الحكومة بناءً على رأي المستشارين القانونيين الذين دعموا الحصانة للبرلمان المقبل، حتى لا يتكرّر سيناريو حل برلمان 2011، الذي سيطرت عليه جماعة «الإخوان المسلمين»، فيما يأتي القانون لضمان الاستقرار الدستوري للبرلمان وعدم تفسير أي حكم متوقع بالحل بأنه شأن سياسي، ذلك أن البرلمان سيكمل مدته القانونية على خمس سنوات.
ويتوقع أن يفتي «الفتوى والتشريع» في دستورية مقترح الحكومة، استناداً إلى المادة 195 من الدستور التي تعطي للقانون الحق في تحديد الآثار الناتجة من الحكم بعدم دستورية النصوص التشريعية، على أن يعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء، ثم يرفع إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لإقراره.
ويأتي اتجاه الحكومة لتحصين البرلمان، أيضاً، استجابة للقوى السياسية المختلفة التي أبدت تخوّفاً مسبقاً من «الحل السياسي» للبرلمان في أي وقت بعد إجراء الانتخابات، بينما تبقى قوانين الانتخابات في مجلس الدولة قيد الدراسة والمراجعة، من دون أن يكون هناك أي موعد لخروجها إلى النور، علماً بأن مشروع القانون الموحّد للانتخابات الذي تقدمت به الأحزاب والقوى السياسية المختلفة لن يُقَرّ على الأرجح.
على صعيد التحالفات الانتخابية، لا يزال مشروع القائمة الموحدة الذي دعا إليه السيسي يواجه صعوبات مرتبطة برفض عدد كبير من الأحزاب تشكيل القائمة مع حزب «النور» السلفي، بينما يلتزم الأخير الصمت، على المستوى الرسمي، تجاه اعتراض بعض الأحزاب التي يطالب عدد من قيادتها بحله.
في المقابل، تسعى وزارة العدالة الانتقالية، التي يتولاها المستشار إبراهيم الهنيدي، إلى إقرار مجموعة قوانين في الحكومة، خلال اجتماعها الأسبوعي الأربعاء المقبل، من بينها قوانين خاصة بالآثار والتأمين الاجتماعي والتأمين الصحي، وقانونين بشأن تنظيم عمل شركات الحراسة، ونقل الأموال، وتنظيم السجون، فضلاً عن قانون يقضي بإنشاء الهيئة العامة للمحميات الطبيعية.
ولا تشكل التعديلات القانونية، التي ترغب الحكومة في تطبيقها أموراً عاجلة يستلزم إقرارها في غياب البرلمان، لكن الوزارة تحاول إنهاء التعديلات التي يمكن إقرارها من دون مناقشتها في البرلمان بأقرب وقت ممكن، وذلك من دون انتظار انتخاب البرلمان، ومن بينها قانون للشباب والرياضة.
في سياق آخر، لا يزال مشروع الموازنة العامة للدولة ــ الذي يفترض بدء العمل به اعتباراً من أول تموز ــ مشوباً بالغموض، وذلك برغم إعلان مجلس الوزراء اعتماد الميزانية بالكامل، مساء أول من أمس؛ فقد أعلنت الحكومة، في بيان، اعتماد الموازنة من دون الكشف عن تفاصيلها.
ووفقاً للبيان، نجحت الحكومة في خفض العجز الكلي ليكون 9.9% من الناتج المحلي، بينما خفضت الدعم المخصص للطاقة إلى 60 مليار جنيه بدلاً من 100 مليار في الموازنة الحالية، وهو الخفض الذي جاء على حساب خطة لرفع الأسعار في النصف الثاني من العام المالي، إضافة إلى احتساب سعر برميل النفط بأقل من 60 دولار بدلاً من 90 في الموازنة المنتهية، ما يهدّد بزيادة العجز في حال ارتفاع أسعار البترول مرة أخرى.
التصريحات الرسمية جاءت بإعلان خفض ميزانية وزارة التموين، التي توفر السلع بأسعار أقل للمواطنين بنحو 3 مليارات جنيه (1 دولار = 7.6 جنيهات)، وهو رقم كبير للغاية قد تكون له تداعيات على توافر بعض السلع الأساسية في المجتمعات الاستهلاكية التي يتعامل معها محدودو الدخل.
في المقابل، زادت الحكومة الميزانية المخصصة للصحة بنسبة 21.5% لتصل إلى 64 مليار جنيه، بالإضافة إلى زيادة مخصصات التعليم بنسبة 8.3% لتصل إلى 120 مليار جنيه، فيما توقّعت زيادة النمو ليصل إلى 5% مقابل 4.2% في العام الحالي.