غزة ــ الأخبارلليوم السادس على التوالي، يعيش قطاع غزة في حالة طوق أمني، بفعل الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها وزارة الداخلية ضمن التحقيقات الجارية حول اغتيال القيادي في "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، مازن فقها، يوم الجمعة الماضي.
وتقضي أهم الإجراءات بحظر السفر لمن هم دون سن الـ15 ومن هم فوق 45 عاماً، باستثناء فئتي المرضى وعائلات الأسرى، إضافة إلى السماح لوزراء حكومة التوافق بالتنقل. لكن، للمرة الأولى تخضع سيارات المؤسسات الدولية والحراس العاملون فيها للتفتيش وللمراقبة، بعدما كانت محظورة على أمن غزة طوال السنوات الماضية.

ووفق مصادر أمنية تحدثت إلى "الأخبار"، هناك تشديد ومراقبة على الوفود القادمة إلى غزة والخارجة منها، مشيرة إلى أنه في خلال الأيام الثلاثة الماضية كان هناك تراجع في دخول هذه الوفود جراء الحالة الأمنية.
ونشرت الأجهزة الأمنية أفرادها على طول حدود القطاع مع الاحتلال، إضافة إلى نشرها الأفراد على الساحل بصورة لافتة، وإقامة حواجز متنقلة بين محافظات القطاع الخمس وداخلها، ضمن ما يبدو أنه خطة للبحث عن مرتكبي الجريمة أو مسهّليها.
بموجب الإجراءات، منعت عمليات الصيد خشية تسلل مرتكبي الجريمة، والفرار عبر البحر، الذي يمثل خاصرة رخوة بالنسبة إلى الأمن في غزة، في وقت تستكمل فيه التحقيقات حول الاغتيال بسرية بالغة، وتشرف عليها مستويات عليا داخل "حماس".
وبالتزامن مع رفض مجمل المستويات السياسية والأمنية التعليق على مجريات التحقيق، كان لافتاً صدور قرار من النائب العام في غزة، إسماعيل جبر، يحظر تسريب التحقيقات التي تجرى حول الاغتيال. وحظر جبر على وسائل الإعلام "نشر وتداول أي تفاصيل تتعلق بالتحقيقات في القضية، بهدف الحفاظ على سرية التحقيقات ومنع التأثير في مجرياتها".

للمرة الأولى يقدم
الأمن على تفتيش الوفود الأجنبية في
غزة وسياراتها

في غضون ذلك، علمت "الأخبار" أنه يجري التنسيق بين الأمن في غزة والفصائل الفلسطينية في التحقيقات حول مقتل فقها، التي شملت حتى المقربين منه، فيما تُسهم الفصائل بمراجعة الأسلحة المزودة بكاتم صوت لدى عناصرها.
وفي خلال الأيام الماضية، نشر موقع "المجد الأمني" التابع لـ"حماس" في غزة، تقريراً عن كيفية تعامل العملاء في غزة مع حوادث الاغتيال، مشيراً إلى أنه قُبض على متخابرين كُلِّفوا استئجار منازل مجهزة (المنزل الآمن) لاستعمال قوات إسرائيلية خاصة في عمليات الاغتيال.
وطلب ضابط المخابرات من أحد العملاء شراء سيارات أيضاً بمواصفات وشكل معين، وتوقعت الجهات الأمنية الفلسطينية آنذاك أن تكون أجهزة الأمن الصهيونية بصدد التخطيط لعمليات خطف داخل قطاع غزة، وذلك للتأثير في سقف الطموحات الفلسطينية في إبرام صفقات تبادل الأسرى.
مع ذلك، جاءت حادثة اغتيال فقها عقب سلسلة أحداث متشابهة وقعت في غزة خلال الأعوام الماضية، وفق مصادر أمنية في غزة، من بينها محاولة اغتيال وخطف تعرض لها الشهيد رائد العطار في رفح قبل استشهاده، إضافة إلى عملية خطف مهاوش القاضي، الذي اتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن أسر الجندي جلعاد شاليط في عام 2006.
كذلك، كان الإعلام العبري قد كشف عن محاولة خطف الشهيد أحمد الجعبري، في حي الشجاعية قبل تنفيذ صفقة شاليط بأيام، لكنها لم تفلح بعدما غيّر الرجل مساره، وهو ما ينفي النظرة التي تقول إن الصدمة في غزة عائدة إلى غياب توقع المقاومة حدوث عمليات أمنية من هذا النوع.
إلى ذلك، أكد مدير قوى الأمن الداخلي في غزة، اللواء توفيق أبو نعيم، استمرار التحقيقات في اغتيال الفقها، مشيراً إلى أن قوى الأمن لديها القدرة في التعامل مع الجريمة والكشف عن ملابساتها. وقال أبو نعيم لـ"الأخبار"، إن "غزة لن تعود ساحة مكشوفة للاحتلال الإسرائيلي وعملائه، والأجهزة الأمنية تعرف طريقها لتوجيه ضربة مؤلمة إلى المتخابرين مع الاحتلال... على قلة أعدادهم".