برغم عودته منذ أيام عدّة من الصين، لم يجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع وزير المالية، موشيه كحلون، إلا يوم أول من أمس، وذلك من أجل التباحث في حل قد ينهي أزمة سلطة البث التي أشعلت الخلاف بينهما، ولا تزال «تهدد» بالذهاب إلى انتخابات كنيست مبكرة، أو بتشكيل حكومة بديلة من دون نتنياهو، كما فاجأ «الليكود» زعيمه قبل أيام، معارضاً حل الائتلاف الحاكم. وجاء ذلك قبل أن تظهر على السطح أزمة ائتلافيه أخرى مع وزير التربية، نفتالي بينت.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، عن مصدر رفيع في حزب «الليكود» ومطلع على الاتصالات بين نتنياهو وكحلون، قوله إن «إمكانية الانتخابات المبكرة لا تزال قائمة»، موضحاً أن «رئيس الوزراء غير معني بالانتخابات، ويفحص إمكانات أخرى لحل الأزمة مع كحلون، لكن المشكلة الآن باتت تتعلق بالقضاء الذي لم يجد حتى اللحظة صيغة ملائمة لحل يرضي الطرفين».
لذلك، ووفق المصدر نفسه، «فإذا لم يتم التوصل إلى حل كهذا، فإن نتنياهو سوف يذهب باتجاه حل الائتلاف وتقديم موعد الانتخابات».
في المقابل، قال مصدر آخر في «الليكود» للصحيفة إن «نتنياهو سيخرج من هذه الأزمة منتصراً في جميع الأحوال، سواء تم التوصل إلى حل مع كحلون، أو لا. وفي الحالة الثانية، سيختار الانتخابات المبكرة ويخرج بذلك منتصراً، قبل أن يوعز المستشار القضائي للحكومة بتقديم لائحة اتهام ضده في القضايا التي يجري معه التحقيق فيها، وقبل أن تتطور الأزمة التي بدأت تظهر مع الإدارة الأميركية في ما يتعلق بالبناء في المستوطنات».
وذكرت الصحيفة أن طرفي الأزمة في حزب «كولانو» و«الليكود» لم يتطرقا إلى تفاصيل الجلسة بين نتنياهو وكحلون، كما حافظا على سرية ما دار في الجلسة الثانية التي لم يشر أحد إلى عقدها. وأوضحت مصادر شاركت في المحادثات أن الجلسة كانت بهدف «التشديد على أن الجانبين معنيان في التوصل إلى حل وسط، وليس التركيز على نقاط الخلاف التي قد تؤجج الأزمة بينهما أكثر».
برغم ذلك، عبّر مصدر آخر في أحد أحزاب الائتلاف الحاكم عن تشاؤمه من عدم استعداد نتنياهو للتوصل إلى حل. وقال إن «تقديرنا هو أن نتنياهو كان يفضل خيار الانتخابات المبكرة، لكنه أدرك أنه لا يستطيع، إذ وجد أن لدى شركائه ما يكفي من وسائل الضغط لمنع حل الحكومة». وأضاف إنه «كان بإمكان (بيبي) أن ينهي هذه الأزمة في لحظتها، لكنه لا يتراجع عن موقفه ولا يبدي مرونة للوصول إلى حل».
وفي الوقت الذي حاول فيه العديد من الوزراء ورؤساء الأحزاب التوسط إلى حل الخلاف وعدم التوجه إلى انتخابات مبكرة، قال أحد الذين حضروا الاجتماع الثاني بين نتنياهو وكحلون، لموقع «واللا» العبري إن «هناك مشكلة قضائية تقف في طريق التوصل إلى تسوية»، مضيفاً إنه «حتى الآن، لم يتراجع نتنياهو عن التلويح بحل الحكومة والتوجه إلى صناديق الاقتراع». وأوضح أن «موعد انطلاق هيئة البث العام، المقرر في بداية الشهر المقبل، يشكل عائقاً إضافياً، ويلقي بالغموض على مصير الهيئة ومصير المحادثات بين طرفي الخلاف».

لم يتراجع نتنياهو عن التلويح بحل الحكومة والتوجه إلى صناديق الاقتراع


وبرغم أن الاجتماع انتهى من دون التوصل إلى تفاهمات أو تسوية، اتفق كل من نتنياهو وكحلون على عقد جلسة إضافية في الأيام القريبة المقبلة بهدف مواصلة المباحثات والمناقشات، كما ذكر الموقع العبري.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الجلسة عقدت بمبادرة تقدم بها وزير الصحة الإسرائيلي، يعقوب ليتسمان، خلال اجتماع حضره رؤساء أحزاب الائتلاف. واقترح ليتسمان عقد جلسة خاصة بين نتنياهو وكحلون، فقوبل اقتراحه بالإيجاب، لكن لم تتمخض الجلسة عن تفاهمات، كما لم يخرج عنها أي بوادر للتسوية.
أزمة سلطة البث لم تعد الأزمة الوحيدة التي تهدد الحكومة الإسرائيلية، فقد نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، أول من أمس، تسجيلاً لمحادثة بين مالك صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أرنون موزيس، وبين نتنياهو، كشفت عن طلب الأخير من موزيس مهاجمة زعيم حزب «البيت اليهودي»، ووزير التربية والتعليم، نفتالي بينت، وتشويه صورته في الصحيفة.
وعلقت مصادر في «البيت اليهودي» على التسجيل بالقول: «نحن بصدد إعادة النظر في الشراكة التي تجمعنا بالليكود ومع رئيس الحكومة بالتحديد»، واصفين ما حدث بأنه «صفقة قذرة، ولا يجب أن تمر مرور الكرام». وكان نتنياهو قد بادر عام 2015 إلى اتفاق مع بينت يقضي بألا يهاجم أي منهما الآخر، لكنه «نكث» بالاتفاق.
وتعتبر التسجيلات المنشورة بين نتنياهو وموزيس فصلاً أساسياً في قضايا التحقيق التي يخضع لها الأول، إذ تشتبه الشرطة في أن رئيس الوزراء استغل مكانته ومنصبه لتحقيق مكاسب خاصة، من ضمنها «محاولة سن قانون يحد من انتشار صحيفة يسرائيل هيوم، في مقابل أن يحصل على تغطية إيجابية في صحيفة يديعوت أحرونوت».
وفي أول تعليق له حول الكشف، قال بينت لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، إن «ما فعله نتنياهو كان آخر ما يمكنني أن أتوقعه، وهذا شعور سيئ». وأضاف «أنا أعلم بأن الشرطة تدقق في هذا الموضوع وسيسرني الحصول على أي معلومات إضافية حوله»، وخاصة أن صحيفة «يديعوت» نشرت أخباراً «كاذبة»، وشوّهت صورة بينت كوزير تعليم «لم يفِ بوعوده التي قطعها حول زيادة عديد حضانات الأطفال».
ووصف بينت تهديد نتنياهو بتقديم الانتخابات العامة بسبب إغلاق سلطة البث وإطلاق عمل هيئة البث العام، بـ«الهذيان»، وقال إن «الانتخابات ستلحق ضرراً بالغاً بأداء الدولة، وخاصة أنه لا ينبغي التوجه إلى انتخابات بسبب أزمة كهذة».