بالتوازي مع انطلاق اللقاءات الأولى ضمن الجولة الخامسة لمحادثات جنيف، تمكن الجيش السوري من إزاحة الضغط الذي فرضه تقدم المسلحين في أطراف حي جوبر الدمشقي، وذلك باستعادته لكافة النقاط التي خسرها في خلال الهجوم الأخير. استعادة الجيش السيطرة على منطقة المعامل أعادت للعاصمة السورية أمانها النسبي، وحملت رسائل إلى جنيف، مفادها أن الوفد الحكومي لن يبدأ المحادثات تحت ضغط الميدان.
وتمكن الجيش بعد ظهر أمس، من إنهاء هجوم المسلحين العنيف الذي استمر أياماً، ووقع في خلاله عدد من الشهداء في صفوف الجيش. وتشرح مصادر ميدانية، أن هجوم الجيش المعاكس الذي انطلق قبل يومين، ركّز على محيط شركة الكهرباء ومعمل «كراش»، بما يضمن جوانب تقدم القوات البرية باتجاه عمق منطقة المعامل، نحو «معمل حلويات نفيسة» و«معمل الغزل» و«سادكوب». وتابعت المصادر أن الاشتباكات تركزت أمس، داخل «معمل الغزل» بكتل أبنيته الخمس. وبعودة خطوط الاشتباك إلى ما كانت عليه قبل بدء المعركة، فشلت عملياً محاولة وصل جوبر بحي القابون، وسط معلومات عن تحضير الجيش لاستكمال العملية العسكرية في القابون وبرزة.

أصر وفد «الهيئة»
على أن مكافحة الإرهاب مرتبطة برحيل الرئيس الأسد

وبالتوازي، شهد ريف حماه الشمالي أمس، معارك عنيفة على جبهة بلدة قمحانة، المتاخمة لمدينة حماه من الجهة الشمالية، بينما استعاد الجيش السيطرة على بلدة شيزر، شمال غرب مدينة محردة. وشهد محيط قمحانة هجوماً عنيفاً من قبل مسلحي «تحرير الشام» والفصائل المنضوية تحت لوائها، منذ ساعات صباح أمس، افتتح بتفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري على أحد مداخل البلدة الشمالية. وعقب ما يزيد على عشر ساعات من الاشتباكات العنيفة، التي تخللها إرسال «تحرير الشام» لمفخختين إضافيتين، تمكن الجيش واللجان المحلية من أبناء البلدة من صد الهجوم وإجبار المسلحين على التراجع، بعد خرق بسيط على محور المقابر. وأعلنت «تحرير الشام» مقتل أحد قيادييها العسكريين، نزار لطوف، الملقب بأبو عهد إحسم. القرية الواقعة إلى غرب جبل زين العابدين، خاضت المعركة بدعم ناري وفّرته نقاط الجيش الموجودة أعلى الجبل.
وبالتوازي، حاول المسلحون توسيع نطاق الهجوم غرباً باتجاه بلدات المغير والحماميات وكرناز. لكنّ مصدراً ميدانياً أكد تثبيت نقاط إضافية للجيش في محيط معرزاف وقمحانة ومحردة والشيحة، بهدف تعزيز الطوق الدفاعي ومنع تمدد هجوم المسلحين، نافياً ما أشيع عن وصول المسلحين إلى حي كازو، شمال مدينة حماه. ولفت المصدر إلى استحالة القبول بخنق القوات السورية المتقدمة في ريف حلب «وهدر الانتصارات الأخيرة»، عبر خسارة خط الإمداد المارّ من مدينة حماه، ومطارها العسكري.
وعلى وقع التغيرات الميدانية، عقد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، لقاءين منفصلين مع الوفدين الحكومي والمعارض، في جنيف. وأكد، في مؤتمر صحافي عقب اللقائين، أنه «لا يتوقع المعجزات والاختراقات»، كذلك فإنه «لا يتوقع انهيارها». وبيّن أن «المحادثات التي أجراها في الرياض وموسكو وأنقرة، تمخضت عنها وحدة في الموقف بشأن المضي قدماً في محادثات جنيف». وحول الوضع الميداني المشتعل، قال: «يؤسفنا القول إنّ التطورات الميدانية يمكن تلخيصها بكلمتين: هجمات وهجمات مضادة. كافة الوفود هنا اتفقوا على الحضور، ولم يهدد أحد بالانسحاب».
ومن جانبه، أعلن رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، عقب لقائه دي ميستورا، أن الجلسة «ركّزت على موضوع مكافحة الإرهاب، وخاصة في ضوء العمليات الإرهابية التي تستهدف حالياً ريفي دمشق وحماه»، مشدداً في الوقت نفسه على أن التركيز على ملف الإرهاب «لا يعني أننا أهملنا بقية السلال». ورداً على سؤال عن رفض الحكومة السورية طلب دي ميستورا زيارة دمشق، قال إنه «عندما يخرج المبعوث الأممي لسبب من الأسباب عن ولايته، نلفت عنايته إلى أنه ارتكب خطأً، بشكل لبق وديبلوماسي».
ومن الجهة الأخرى، قال رئيس وفد «الهيئة العليا» المعارضة، نصر الحريري، إن المعارضة «ما زالت ملتزمة الانتقال السياسي، وهدفها واضح بالاستجابة للشعب، وإنهاء معاناته على الأرض، والمفتاح لكل ذلك هو الانتقال السياسي». ورأى أن التخلص من الإرهاب مرتبط برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم.