على الرغم من أن نتائج زيارة وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن لم تتبلور بعد على المستوى الإقليمي، فإنها فتحت المجال أمام عودة التداول بشأن التقارب في العلاقات السعودية ــ الإسرائيلية، التي كان الرئيس دونالد ترامب قد أشار إليها، خلال لقائه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
ومن آخر «الآمال السعودية»، على هذا الصعيد، ما رشح في رسالة مفتوحة موجّهة إلى ابن سلمان، نشرها مدير مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية» في جدة، عبد الحميد الحكيم، على «منتدى فكرة» التابع لـ«معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى». تمحورت الرسالة في جزء كبير منها على مهاجمة إيران والعداء لها، كأساس لترسيخ فكرة التقارب مع إسرائيل. وحملت في تفاصيلها الكثير من الإشادة بـ«الدور التاريخي للشعب اليهودي والإسرائيلي» وأهميته في المنطقة.

سياسات النظام الإيراني تشبه سياسات النازية التي استهدفتكم
إلا أن المفارقة لا تكمن فقط في الترويج للانفتاح السعودي على إسرائيل، بعد زيارة ابن سلمان للولايات المتحدة، بل أيضاً في نشر هذه الرسالة على وقع الإعداد للمؤتمر السنوي لمنظمة «آيباك» الذي يعقده اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، من 26 آذار الجاري إلى 28 منه. ومن هذا المنطلق، فقد وجدت صداها الإيجابي لدى مسؤولين إسرائيليين، من بينهم رئيس «مركز القدس للشؤون العامة» دوري غولد، الذي كتب في تغريدة على موقع «تويتر» أنه سوف يلقي كلمة في المؤتمر، يتحدث فيها عن «الاتجاهات الإيجابية في السعودية»، استناداً إلى رسالة الحكيم، على حدّ تعبيره.
وكان الحكيم من ضمن الوفد السعودي الذي زار إسرائيل، العام الماضي، برئاسة اللواء المتقاعد أنور عشقي، حيث التقيا بغولد الذي كان يشغل في حينه منصب الأمين العام لوزارة الخارجية. وقد أجريت تلك الزيارة بعدما كان عشقي وغولد قد شاركا معاً، في شهر حزيران من عام 2015، في فعالية علنية أقيمت في معهد للدراسات في واشنطن. وجرت هذه الفعالية بعد لقاءات عدّة عُقدت بين الاثنين، بعيداً عن أعين الإعلام في العام السابق له.
وفيما انطلق عبد الحميد الحكيم، في رسالته، من «التهديد والتوسّع الإيرانيين»، فقد ختمها أيضاً بفقرة توجّه فيها إلى «الشعب الإسرائيلي وجميع اليهود في العالم». وذهب الحكيم في تقاربه مع إسرائيل إلى حدّ تشبيه «سياسات النظام الإيراني بسياسات النازية التي استهدفت إبادة شعبكم». وأخذ الحكيم على نفسه عهداً بأنه «يمكن تحقيق السلام»، بل أشار أيضاً، في حديثه إلى مخاطَبيه، إلى أن «دوركم التاريخي في منطقتنا سيتأكد، وذلك في إطار مبادرة السلام العربية». وقال: «ستعزّز هذه العملية تحقيق السلام مع إسرائيل في ظل المبادرة السعودية للسلام». إلا أن الأهم برأي الحكيم، وربّما برأي عدد كبير من المسؤولين السعوديين، هو أنه «إذا ما تحقق ذلك، فإنه سيوفر المنطقة من النيران التي يغذيها النظام الإيراني، ويسمح أيضاً للمملكة العربية السعودية بأن تتشارك علناً مع التقدم التكنولوجي الكبير الذي تقدمه إسرائيل».
رسالة الحكيم كانت قد سبقتها مؤشرات عدّة أعطت زخماً لأي تحرّك في إطار التقارب السعودي ــ الإسرائيلي، ومنها ما لمّح إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارة نتنياهو لواشنطن الشهر الماضي، عن ضرورة إقامة تحالف بين إسرائيل والدول العربية، من «أجل إتمام السلام» في المنطقة.
تزامن حينها كلام ترامب مع ما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» عن عدد من المسؤولين في الشرق الأوسط، الذين قالوا إن الإدارة الأميركية تُجري «محادثات مع حلفائها العرب بشأن تشكيل تحالف عسكري، من شأنه أن يتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، وذلك في إطار التعاون في مواجهة عدوّهم المشترك، إيران».
من هذا المنطلق، أشار الحكيم إلى أن من أولويات وليّ وليّ العهد السعودي «مواجهة إيران للحفاظ على تاريخ ومصير المنطقة». وتوجّه إلى «اليهود والشعب الإسرائيلي» بالقول إن «الواقع السياسي في المنطقة يؤكد أنكم ونحن في خندق واحد ضد الإرهاب الإيراني والتعصّب الذي تدعمه طهران وتصدّره إلى العالم».
في غضون ذلك، من المتوقع أن يشارك نتنياهو في مؤتمر «آيباك» لهذا العام عبر الأقمار الصناعية، بحسب ما ذكره موقع المؤتمر على الانترنت، بينما أشار الموقع إلى أن من أبرز المتحدثين نائب الرئيس الأميركي، مايكل بنس، ومندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، ورئيس مجلس النواب بول راين، إضافة إلى زعماء الأغلبية الجمهورية والأقلية الديموقراطية في الكونغرس، ورئيس الحكومة الكندية السابق ستيفن هاربر.
(الأخبار)