شب حريق يشتبه في أنه متعمد في كنيسة الطابغة الأثرية، فجر أمس، على ضفاف بحيرة طبريا شمال فلسطين المحتلة مخلفا أضرارا جسيمة، كما عثر على كتابات بالعبرية تنادي بالقضاء على «الوثنيين». وبعد الإعلان عن توقيف 16 مستوطنا من مستوطنات الضفة المتحلة على خلفية هذه القضية، أفادت شرطة الاحتلال بأنها أخلت سبيل المستوطنين «دون قيد أو شرط بعدما استشف خلال التحقيقات أن لا علاقة تربطهم بحرق الكنيسة»، قائلة إن «التحقيقات لا تزال جارية».
والمستوطنون الذين أوقفوا على هذه الخلفية يدرسون في أحد المعاهد اليهودية في مستوطنة «يتسهار» بالقرب من منطقة الكنيسة، كما كان من بين الموقوفين عشرة من «يتسهار»، قرب نابلس شمالي الضفة المحتلة، وهي مستوطنة توصف بأنها معقل للمتطرفين وتورط بعض سكانها سابقا في حوادث على خلفية الكراهية.
وكنيسة الطابغة هي للآباء البندكتيين التابعة للكنيسة الكاثوليكية، وقال الأب متياس، وهو أحد الاباء الذين يديرون الكنيسة، إن إحد المباني داخل المجمع دمر تماما في الحريق، ولكن «الكنيسة نفسها لم تتضرر». وتسمى هذه الكنيسة أيضا بـ«الخبز والسمك»، إذ شيدت احياء لذكرى معجزة السيد المسيح المذكورة في الإنجيل وقام فيها بتكثير الخبز والسمك لإطعام الفقراء.
وأكد مستشار الكنيسة الكاثوليكية، وديع أبو نصار، أن «الحريق متعمد»، مضيفا: «نتعامل مع مدلولات الكتابة الموجودة التي تصف المسيحيين بأنهم عبدة الأوثان، وهذه شعارات يرفعها متطرفون يهود... الشرطة تحقق ولا نستطيع اتهام أحد حاليا».
وفي نيسان الماضي كسر مجهولون شواهد قبور في مقبرة كفر برعم المسيحية المارونية القريبة من الحدود مع لبنان. كما سبق ذلك في نهاية شباط إحراق مبنى تابع للكنيسة الأرثوذكسية قرب القدس القديمة، وكان الهجوم ضمن سلسلة هجمات مماثلة استهدفت كنائس ومساجد في الضفة المحتلة ونسبت إلى متشددين يهود؛إذ ينتهج المستوطنون سياسة انتقامية تعرف باسم «تدفيع الثمن» وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، كتخريب وتدمير ممتلكات وإحراق سيارات ودور عبادة مسيحية وإسلامية وإتلاف أو اقتلاع أشجار زيتون. ونادرا ما يتم توقيف الجناة.
في ردود الفعل من أكثر من جهة، استنكر رئيس الوزراء العدو، بنيامين نتنياهو، حرق كنيسة «السمك والخبز»، وقال إنه أوعز إلى رئيس جهاز «الشاباك» يورام كوهن، بفتح تحقيق عاجل «بحثا عن مرتكبي الجريمة». وقال نتنياهو: «حادث إضرام النار المروع بكنيسة الطابغة هو اعتداء على الجميع».
كذلك استنكر حاخام الاشكناز (اليهود الغربين) دافيد لو، هذه الأعمال وقال إنها تضر «بالقيم اليهودية والأخلاقية».
أما رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، أيمن عودة، فقال إن «جريمة إحراق الكنيسة في طبريا ليست عمل مجموعة صغيرة من المتطرفين بل جريمة كراهية تنضم إلى عشرات الحوادث المماثلة لتدفيع الثمن، وهي نتائج تحريض الحكومة (الإسرائيلية) وسياستها العنصرية والإقصائية».
في المقابل، استنكرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، إقدام متطرفين يهود على حرق الكنيسة، واصفة ما جرى بأنه «حرب طائفية تحدث بحماية وتوجيه من حكومة التطرف الإسرائيلية».
يشار إلى أن كنيسة الطابغة نفسها تعرضت لهجوم سابق في نيسان 2014، وقال مسؤولون في الكنيسة آنذاك إن «مجموعة من اليهود المتدينين ألحقوا أضرارا بالصلبان وهاجموا رجال الدين».
في سياق آخر، أصدر بنيامن نتنياهو أمرًا بإغلاق فضائية «فلسطين 48»، التابعة للتلفزيون الرسمي الفلسطيني «فلسطين» والخاصة بالعرب في إسرائيل، وهي أول فضائية تشرف عليها السلطة وتختص بشؤون الفلسطينين داخل الأراضي المحتلة، وكان من المفترض أن تبدأ بثها أمس.
في المقابل، استنكر مسؤول «هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية»، رياض الحسن، القرار واصفا إياه بأنه «غير شرعي وبلطجي». ولفت الحسن إلى أن القناة «غير متحيزة سياسيا، وهي وسيلة إعلامية تعبر عن طموحات الفلسطينيين داخل إسرائيل».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)