سلّطت تقارير عبرية الضوء على حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لموسكو أول من أمس، بشأن توجه إيران لإقامة قاعدة بحرية في سوريا. واعتبرت هذه التقارير أن الإيرانيين بدأوا برسم الحقائق على الأرض لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في سوريا، محذرةً من أن ذلك يثير مخاوف تل أبيب وقد يدفعها إلى وضع خطوط حمراء جديدة في الساحة السورية.
وذكر موقع «والاه» الإخباري أن تحذيرات نتنياهو بشأن القاعدة البحرية الإيرانية هي رجع صدى للموقف الإسرائيلي الذي يعتبر هذا الأمر خطوة متطرفة ستؤدي إلى تعزيز قوة حزب الله وتقصير مدى الرماية الصاروخية الإيرانية باتجاه إسرائيل.
ونقل الموقع عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن إيران «تبذل جهوداً من أجل التوصل إلى اتفاق مع النظام السوري يسمح لها بتشييد قاعدة عسكرية إيرانية في ميناء اللاذقية شمال سوريا». وبحسب أقوال المصدر، فإن الجانبين السوري والإيراني قريبان جداً من التوقيع على هذا الاتفاق. وأوضح محرر الشؤون العسكرية في الموقع، أمير بوخبوط، أن «في إسرائيل يعتبرون هذا الأمر خطوة متطرفة ستعزز انعدام الاستقرار في المنطقة وتدفع قدماً بالإرهاب ضد إسرائيل. كذلك ترى إسرائيل أن من تداعيات هذه الخطوة تعزيز قوة حزب الله الذي يقاتل على الأراضي السورية وتقصير مدى الرماية بين إيران وإسرائيل من خلال القاعدة المقررة إقامتها في سوريا، ما يعني أن هذه القاعدة سوف تزيد حجم التهديد على العمق الإسرائيلي».
وذكّر بوحبوط بسياسة الخطوط الحمراء التي أقرّها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، فيما يتصل بالساحة السورية، والتي تتعلق بتهريب «أسلحة كاسرة للتوازن» إلى حزب الله، وأشار إلى أنه في حال إقرار الاتفاق بين إيران والنظام السوري حول إنشاء القاعدة البحرية في اللاذقية، «فسيكون على إسرائيل تجديد سياسة الخطوط الحمراء التي تحدث عنها يعلون، وستبحث كيفية تطبيقها في الواقع الجديد الذي سينشط فيه (نظام آيات الله) على مدى قريب من إسرائيل».
وبحسب بوحبوط، فإن القيادة السياسية في إسرائيل «لا تزال حتى الآن تحاول ممارسة الضغوط من أجل الحؤول دون تحقيق هذه الخطوة التي سوف تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، إذ إنها خطوة تنطوي على تهديد ليس فقط ضد إسرائيل، بل أيضاً ضد دول عربية إضافية في المنطقة ترى في إيران دولة عدوة».
وكان نتنياهو قد قال في أعقاب اجتماعه ببوتين: «لقد أوضحت للرئيس بوتين معارضتنا الشديدة لاستقرار إيران وتوابعها في سوريا، بما في ذلك وجود قوات وبنى تحتية عسكرية ومحاولة إيران إنشاء قاعدة عسكرية بحرية. هذه الأمور لها تداعيات خطيرة على أمن إسرائيل».
وأشار محرر الشؤون العسكرية لـ«والاه» إلى أنّ إسرائيل تدير حواراً عن قرب مع الكرملن، وأنشأت آلية تنسيق مع موسكو تتضمن المجال الجوي. إلا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ورغم أن الجانبين راضيان عن مستوى التنسيق، ترى أن الوجود الواسع للجيش الروسي والجيوش الأجنبية في سوريا يقيّد المرونة الإسرائيلية في الشرق الأوسط وكذلك تفوقها الجوي والبحري.
من جانبها، كتبت شميريت مئير، رئيسة تحرير موقع «المصدر» الإسرائيلي الناطق بالعربية، أن نتنياهو قد يعلم أو أنه يقدر شيئاً لا نعرفه حول زيادة احتمال التوصل إلى ترتيبات سياسية في سوريا قريباً، «ولكن يمكن القول بالتأكيد إن الإيرانيين في الوقت الذي ما زالت فيه الحرب مستمرة لا ينتظرون، وقد بدأوا برسم الحقائق على أرض الواقع وتقاسم الغنائم». ورأت مئير أنّه بعد مرور 6 سنوات على الحرب السورية، «يمكن أن نحدد دون شك من هو المنتصر: بوتين وإيران وحزب الله، الذين وقفوا إلى جانب الأسد، كل واحد لأسبابه الخاصة». وأضافت أن إيران «استثمرت موارد كثيرة في سوريا، سواء بشكل مباشر أو بواسطة حزب الله... وهي دفعت ثمناً باهظاً وتعرضت لانتقادات داخلية، ولذلك تأمل في الحصول على مقابل. والميناء البحري هو مثال واحد فقط. الإيرانيون لن يتنازلوا عن السيطرة والتأثير في سوريا بسهولة: عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ودينياً».
وخلصت الكاتبة الإسرائيلية إلى أن الواقع الجديد في سوريا قد يشكل تحدياً كبيراً جداً لإسرائيل، إذ «قد يتغير واقع الجيش السوري الذي كان يتجه نحو التدهور، وكذلك واقع حزب الله الذي كان مشغولاً في سوريا... وإذا لم يتوقف هذا التغيير في بدايته، فإن سوريا قد تصبح دولة إقليمية كاملة يسيطر عليها في الواقع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. وهذا التطور خطير جداً، ويبدو أن نتنياهو يدرك أن إحباط هذا الواقع يجب أن يتصدّر أولويات إسرائيل السياسية».