حمل العام الماضي رسائل أميركية عديدة تجاه أنقرة في عديد من المناسبات، إذ تدخّلت القوات الأميركية بعد تقدم قوات «درع الفرات» من جرابلس نحو مناطق سيطرة الأكراد شمال منبج وثبّتت نقاطاً لها على نقاط التماس، ليتم بعدها ترسيم نهر الساجور كخط فصل بين الطرفين.
كذلك تمركزت قوات خاصة أميركية في مواقع عدة على الحدود في مدينة تل أبيض، يوم كان الأكراد قلقين من تصعيد تركي على تلك الجبهة.
وقد تكون الإشارة الأوضح للأتراك جاءت قبل نحو عشرة أيام، عبر زيارة قائد القيادة الأميركية الوسطى جوزف فوتيل، وقائد القوات الأميركية في العراق وسوريا ستيفن تاونسن، إلى قاعدة تدريب لمقاتلي «قسد» في عين العرب (كوباني)، وحينها نشرت القيادة الأميركية الوسطى صوراً لقاعدة تدريب في منبج تضم عدداً من المستشارين الأميركيين. ويبدو لافتاً ضمن هذا السياق ما ذكره نائب قائد قيادة القوات الأميركية الجوية الوسطى، اللواء جاي سيلفيريا، قبل أيام، عن خطط إعادة تجهيز وتوسيع عدة مطارات أميركية في سوريا والعراق، كاشفاً للمرة الأولى بشكل رسمي عن وجود قاعدة أميركية جوية في شمال سوريا، من دون تحديد موقعها الجغرافي، في إشارة إلى قاعدة قرب مدينة رميلان، في أقصى شمال شرق سوريا، التي جهزتها القوات الأميركية الخاصة.
وظهر سعيُ واشنطن إلى إدارة خلافات حليفيها على الأرض بأقل قدر من الخسائر، في تصريحات المتحدث باسم قوات «التحالف الدولي» جون دوريان، أول من أمس، التي أشار فيها، تعليقاً على صور المدرعات الأميركية شمال منبج، إلى أن «نشر هذه القوات يأتي من أجل طمأنة أعضاء (التحالف) وحلفائه، ومنع الهجمات، والاستمرار في التركيز على هزيمة (داعش)». وأكدت مصادر مقرّبة من «قسد» أن القوات ستنتشر شمال المدينة للفصل بين مواقع سيطرة «درع الفرات» و«مجلس منبج العسكري».

اقتراح برفع عدد الوحدة العسكرية الأميركية الموجودة في سوريا

وأضاف دوريان في تغريدة على «تويتر» أن زيادة قوات «التحالف» قرب المدينة يساهم في «ردع التحركات العدائية وتحسين الإدارة (بين أعضاء التحالف)، والتأكيد على عدم الوجود الدائم لوحدات حماية الشعب»، لافتاً إلى أن «قوات (التحالف) منتشرة منذ صيف عام 2016» هناك. وكانت وكالة «الأناضول» التركية قد أشارت، منذ ثلاثة أيام، إلى انتشار جنود أميركيين برفقة مسلحين أكراد في قرية حلونجي (شمال منبج) التابعة لمدينة جرابلس الواقعة تحت سيطرة «درع الفرات» قبالة مواقع تابعة للقوات المدعومة من أنقرة.
ويأتي الكشف عن التحرك الأميركي عقب دخول قوات الجيش السوري إلى المناطق الواقعة غرب مدينة منبج، بعد اتفاق مع «مجلس منبج العسكري»، وقبيل إعلان «قوات سوريا الديموقراطية» أمس «استئناف المرحلة الثالثة من حملة غضب الفرات» بعد «توقف اضطراري لسوء الأحوال الجوية».
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصدر عسكري أميركي قوله إن الولايات المتحدة ستدفع بالمزيد من «إمدادات الأسلحة والمدفعية والطائرات المروحية الهجومية إلى جانب المزيد من أفراد القوات الخاصة، لدعم الهجوم على معقل (داعش) في الرقة، الذي تقوده (قوات سوريا الديموقراطية)». ووفقاً للصحيفة، فإن الولايات المتحدة لا تريد خلق جبهة عسكرية جديدة حول منبج، من شأنها «استنزاف الاهتمام والموارد بعيداً عن خطط الرقة».
وأوضحت «واشنطن بوست» أن الخطة الجديدة لعملية الرقة هي واحدة من بين عدة اقتراحات يستعرضها البيت الأبيض حالياً، مشيرة إلى أن العسكريين الأميركيين يفضلون تخفيف القيود على أنشطة القوات العسكرية في سوريا، عمّا كانت عليه في عهد الرئيس باراك أوباما. وضمن هذا السياق، اقترح عدد من المسؤولين المشاركين في وضع الخطة رفع عدد الوحدة العسكرية الموجودة في سوريا، والتي يبلغ عدد أفرادها الحالي 500 مدرب ومستشار من القوات الخاصة، تقدم الدعم إلى «قوات سوريا الديموقراطية» و«وحدات حماية الشعب» الكردية. ويشرح المصدر أن الاقتراح الجديد لا يسمح لهؤلاء المستشارين بالانخراط ضمن العمليات القتالية بشكل مباشر، غير أنه يمكنهم من الاقتراب أكثر إلى الخطوط الأمامية للمعارك، ويعطيهم المزيد من السلطة في اتخاذ القرارات عبر خط عسكري مع واشنطن.
وقالت الصحيفة إن القوات الأميركية المساندة لعملية الرقة اضطرت إلى التوجه نحو منبج لتجنّب وقوع مواجهة بين قوتين مدعومتين من قبلها، الأتراك ومقاتلون سوريون أكراد. ووجدت نفسها في منبج إلى جانب القوات الحكومية السورية والروسية، وتعمل بشكل فعال على تحقيق نفس الهدف الذي يعملان عليه. ولفتت إلى أن البنتاغون يوافق على إمكانية التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا، على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين ليسوا سعداء بالفصل الذي تقوم به روسيا وسوريا بين تركيا والأكراد، أو باحتمال تقدم القوات الحكومية السورية باتجاه منبج.
(الأخبار)