حسم الجيش السوري أمس عملية تحرير مدينة تدمر «بنسختها الثانية». استعادة المدينة التاريخية بعد قرابة شهر ونصف من بدء العمليات جاءت بدعم جوّي روسي أساسي، انسحب تنظيم «داعش» على اثره من المدينة ومحيطها، بعدما تلقّى ضربات قاسية ألحقت به خسائر كبيرة.
وتحرير «لؤلؤة البادية» اليوم يأتي في سياق ميداني وسياسي مختلف عن «التحرير الأول»، ما يفتح أمام الجيش السوري محاور تقدّم جديدة نحو مناطق سيطرة «داعش» في الشمال السوري.
ففي المرّة الأولى، أعاد «داعش» السيطرة عليها بعدما انسحب منها الجيش أواخر العام الماضي، إثر هجوم عنيف شنّه التنظيم (كان قد دخلها في أيار عام 2015 ثم استعادها الجيش في آذار 2016)، لكنها لم تصمد هذه المرة طويلاً بيده، إذ يعاني من هزائم متتالية على طول الخارطة السورية والعراقية.
وفي بيان للقيادة العامة للجيش السوري أمس، لفت إلى أنه «بعد سلسلة من
العمليات العسكرية الناجحة وبإسناد جوّي مركّز من الطيران الحربي
السوري والروسي، استعادت وحدات من الجيش والقوات المسلّحة بالتعاون
مع القوات الرديفة والحلفاء مدينة تدمر والمناطق الحاكمة المحيطة
بها، بعد تكبيد تنظيم (داعش) الإرهابي خسائر كبيرة». وكان الكرملن قد أعلن في وقت سابق أن «الجيش السوري استكمل عملية استعادة مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا من أيدي تنظيم داعش بإسناد جوي روسي».
وفي ظلّ انحسار مناطق سيطرة «داعش» في الأراضي السورية، يعتبر تحرير تدمر ــ أكبر مدن البادية السورية ــ خسارة مهمة للتنظيم، إذ تشكّل المدينة بوّابة بادية حمص الشرقية نحو الأراضي العراقية، وبالتالي تشكّل عقدة وصل بين مناطق سيطرة «داعش» ما بين العراق وسوريا.
وسعى التنظيم الارهابي من خلال السيطرة على تدمر إلى فصل المحافظات السورية عبر السيطرة على النقاط الأساسية التي تشكّل عقد مواصلات في ما بينها، كذلك شكّلت المدينة قاعدة أساسية لدعم المناطق الواقعة تحت سيطرته في ريفي حمص ودير الزور. أيضاً، كانت المدينة تشكّل عقدة ربط ومنصة انطلاق هجمات التنظيم بين المنطقة الوسطى وباقي المناطق حتى الحدود الأردنيّة جنوباً والعراقيّة شرقاً، وشمالاً باتّجاه الرقة ودير الزور.
وذلك جعلها حجر عثرة يعرقل تحرّكات الجيش السوري في الجزء الشرقي من البلاد. وبناءً عليه، فإن تحرير تدمر يتيح للجيش إيجاد محاور تقدّم جديدة نحو مدينتي الرقّة ودير الزور ــ أهم معاقل التنظيم ــ في سوريا.
أمس، تحرّرت «لؤلؤة البادية» كما يحب السوريون تسميتها، وبهذا الإنجاز العسكري يكون الجيش قد استطاع فتح خطوط هجوم ودعم نحو الشمال الذي يبدو أنه سيشهد معارك عنيفة في وجه تنظيم «داعش».
(الأخبار)