مع أنه لا حاجة إلى معلومات صحافية تتحدث عن اتصالات بينية، أو زيارات لمسؤولين أمنيين أو سياسيين إسرائيليين إلى واشنطن، من أجل اكتشاف وجود تنسيق مقابل إيران، وأيضاً لتنظيم التوسع الاستيطاني، يبدو أن المواقف والخطوات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضد طهران، تبلورت بعد محادثات هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كشف، في أحد خطاباته (26/1/2017)، عن التنسيق بينهما.
نتنياهو أكد في ذلك الخطاب أن الصمت المدوي إزاء مواقف إيران من إسرائيل سيتغيّر، «لأنني تحدثت قبل عدة أيام مع الرئيس ترامب وهو تحدث معي عن العدوان الإيراني»، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي «تحدث عن الالتزام الإيراني بتدمير إسرائيل، وطبيعة الاتفاق النووي والمخاطر التي يشكلها».
من هنا، لم تأتِ مواقف ترامب والحملة السياسية الأميركية والإسرائيلية بعد التجربة الصاروخية الإيرانية مجرد رد فعل، بل كانت ترجمة لمشاورات بينهما حول السياسة الواجب اتباعها في مواجهة الجمهورية الإسلامية.
في هذا السياق، رأى وزير الطاقة يوفال شطاينتس أنه في نهاية المطاف، يؤكد ترامب «أننا سنكبح توسع إيران وتماديها في منطقة الشرق الأوسط»، وأنه لن يسمح لها بمواصلة تطوير الصواريخ البالستية، كما «لم نسمح لهم بمواصلة نقل السلاح إلى سوريا ولبنان واليمن، وهو أمر مهم، ولا مثيل له بالنسبة إلى دولة إسرائيل والعالم أجمع».
على خطّ موازٍ، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن زيارة سرية لرئيس «الموساد» يوسي كوهين، ونائب مستشار الأمن القومي، يعقوب نيغل، قبل أسبوعين إلى الولايات المتحدة، وقد أكدها ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتركزت المباحثات، وفق صحيفة «هآرتس»، على المسألة الإيرانية والوضع السوري خاصة، لكنهما تطرقا إلى الموضوع الإسرائيلي ــ الفلسطيني.

يسعى نتنياهو إلى «جبهة أوروبية مشتركة» ضد طهران

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن المحادثات شملت تبادل آراء ومعلومات في المسائل المختلفة، كجزء من بلورة سياسة الإدارة الجديدة، كذلك تجدر الإشارة إلى أنها المرة الثانية التي يزور فيها كوهين ونيغل واشنطن للاجتماع بكبار المستشارين للرئيس ترامب، علماً بأن الزيارة الأولى كانت في كانون الأول الماضي.
ومع سفر نتنياهو إلى لندن، أكد أن إسرائيل تتطلع عبر لقاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى «ترسيخ قواعد التحالف مع الدول الأوروبية، بهدف تشكيل جبهة مشتركة مع أوروبا ضد إيران»، مشدداً على ضرورة التصدي للجمهورية الإسلامية دوماً، في ضوء تحديها المجتمع الدولي، وذلك في إشارة إلى التجربة الصاروخية الأخيرة. وأشار نتنياهو إلى أنه سيبحث مع ماي مسألة تعزيز العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والتكنولوجية بين بريطانيا وإسرائيل، بما فيها «التعاون في مجال السايبر».
امتداداً للتنسيق المتبادل، يبدو أن تل أبيب فهمت من بيان البيت الأبيض حول الاستيطان وجود مؤشر إيجابي أكثر من كونه رفعاً لبطاقة صفراء؛ وهو ما صدر على لسان يوفال شطاينتس الذي أكد أن البيان بشأن البناء الاستيطاني في الضفة هو «إيجابي جداً من ناحية إسرائيل».
ولفت الوزير الإسرائيلي إلى أن البيان رأى أن «المستوطنات ليست عقبة أمام السلام، وأن البناء والتوسع داخلها أمر مقبول لدى الولايات المتحدة»، واصفاً هذا الموقف بـ«المنطقي والعقلاني... ويؤشر على تغيير منعش وإيجابي جداًَ، (بل) أي محاولة لعرضه بصورة معاكسة لا تصمد في اختبار الواقع».
ضمن الأجواء نفسها، يندرج ما أدلى به نتنياهو خلال جلسة وزراء «الليكود» حينما قال إن قانون «التسوية» لمصادرة أراضي الفلسطينيين لأغراض الاستيطان سيعرض على الكنيست للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة. ولفت إلى أنه سيعجّل في ذلك رغم وجود قضية يجب فحصها، وهو ما فسّره بعض الوزراء بأنه تلميح إلى التنسيق مع إدارة ترامب في كل ما يتعلق بالمشروع الاستيطاني في الضفة المحتلة.
إلى ذلك، طلب نتنياهو خلال جلسة رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي تأجيل التصويت على القانون لإجراء مشاورات ومباحثات مع إدارة ترامب، ويبدو أيضاً أن هذا الموضوع كان من ضمن القضايا التي بحثها رئيس «الموساد» ومستشارو ترامب.