رام الله | تظهر إحصاءات، وصلت «الأخبار»، أن جامعة الأقصى الحكومية في فلسطين، منحت شهادة البكالوريوس (الدرجة الأولى) عام 2015 لقرابة 255 أسيراً بعضهم تحرر وبعضهم الآخر لا يزالون في السجون الإسرائيلية، والأمر نفسه في درجة الماجستير، إذ منحت جامعة القدس في أبو ديس بدورها هذه الدرجة لمجموعةٍ من الأسرى داخل السجون. أما الدكتوراه، فنالها عددٌ منهم بصورة سرّية ومعقّدة عبر جامعات عربية، حتى إن بعضهم ناقشوا الأطروحة عبر هاتف مهرّب.
هذه الأمثلة والأرقام، التي تزيد الغضب الإسرائيلي من نجاحات يشقها الأسرى من بين القضبان، دفعت في منتصف الشهر الجاري، رئيس قائمة حزب «إسرائيل بيتنا» في الكنيست الإسرائيلي، روبرت إيلتوف، إلى تقديم مبادرة لسن مشروع قانون جديد يحرم الأسرى الفلسطينيين استكمال دراستهم الأكاديمية، الأمر الذي قد يمنع مئات منهم إكمال تعليمهم الجامعي.
وينصّ مشروع القانون المذكور على أن «الدراسة في مؤسسةٍ إسرائيلية للتعليم العالي ليست حقاً مكتسباً من حقوق الأسير الفلسطيني (الأمني) مثل بقية الحقوق كالزيارات وتوفير التلفاز والمذياع»، خصوصاً إذا ثبت عليه عمله في المقاومة وتنفيذه «عمليات معادية».
ويرى المشروع أن السماح أحياناً للأسرى المقاومين باستكمال دراستهم الجامعية لن يردعهم عن المقاومة بعد الإفراج، واصفاً الأمر بأنه أشبه بـ«منحهم جائزة على ما قاموا به ضد إسرائيل، وهذا غير منطقي».
على الصعيد الرسمي، ردّ رئيس «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» الفلسطينية، عيسى قراقع، بالقول إنه لا يجوز للعدو تطبيق قوانينه الانتقامية والعنصرية على الأسرى، لأنهم «محميون وفق القانون الدولي الإنساني». وأشار قراقع إلى أن إدارة السجون منعت التعليم بقرارٍ سياسي منذ 2009، ورغم ذلك سجل عدد كبير من الأسرى نجاحات في إكمال دراستهم الثانوية والجامعية دون موافقة إسرائيلية، وذلك عبر لجان فلسطينية خاصة لتدريس الأسرى، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والجامعات الفلسطينية.
حالة الأسير بلال كايد، الذي أفرج مؤخراً عنه بعد إضرابه عن الطعام، مثالٌ على حرمان الأسرى التعليم الجامعي. يقول محمود كايد، وهو شقيق بلال، إن الأخير كان قد انتسب إلى الجامعة العبرية»، وبعد عامين من الدراسة لقي المنع الأول أثناء وجوده في سجن ريمون، مع أنه كان قد اجتاز 53 ساعة دراسية بنجاح، فضاع جهد عامين بلا فائدة.
ويضيف كايد أن منع الأسير من الدراسة «يؤثر نفسياً فيه لأنه يرى في التعليم حلماً كبيراً يبذل كل جهده لتحقيقه، كما ينعكس سلباً على معنويات أهله». ويشرح أن الحرمان الثاني لشقيقه كان بعدما انتسب إلى «جامعة القدس المفتوحة»، لكن الاحتلال حرمه التعليم مجدداً عقب قرار صدر بعد «صفقة شاليط»، لافتاً إلى أن إدارة السجون خيّرت بلال بين إكمال تعليمه ومواقف نضالية ثابتة تتعلق بمطالب الأسرى. وتابع: «حظروا إخراج مؤلفات شقيقي الشخصية وكتبه التي خطها داخل السجون».

استطاع 5% من مجمل الأسرى فحسب إكمال دراستهم حتى 2011

وكان أسرى ما قبل اتفاق أوسلو قد تمكنوا من الانتساب إلى «الجامعة المفتوحة في إسرائيل» عام 1994، ثم جاءت خطوات المعاقبة بالتدريج عبر حرمان الأسرى الأوراق والأقلام وعقد الجلسات الدراسية أو البحثية، إلى أن رضخت إدارة السجون آنذاك عقب سلسلة من الإضرابات رغم استمرار مصادرة بعض الكتب والدفاتر.
يعقّب المتخصص في شؤون الأسرى أمين أبو وردة على هذه القضية بالقول إن عام 2011 شكّل منعطفاً مهماً على صعيد ملف التعليم للأسرى، بعدما أصدرت «المحكمة العليا الإسرائيلية» قراراً قضى بمنع الأسرى من إكمال الدراسة الجامعية أثناء وجودهم في السجون، وذلك لعقابهم وردع الفصائل. ورغم إبرام صفقة التبادل، فإن تلك المحكمة رفضت بعد شهرٍ طلبات الاستئناف ومضت في قرار منع التعليم.
وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن 323 أسيراً فلسطينياً أكملوا الدراسة الجامعية داخل الأسر حتى عام 2011، ويشكلون نحو 5% من مجمل الأسرى.
ووفق دراسة أعدها الأسير المحرر والباحث رأفت حمدونة، وصدرت مؤخراً عن «مركز الأسرى للدراسات»، فإن الأسرى تغلّبوا على قرار عام 2011 عبر استكمال دراستهم بطرق سرية عقب رفض الاحتلال انتسابهم إلى الجامعات الفلسطينية، ووجدوا ضالتهم في بعض الجامعات والمعاهد الفلسطينية التي وافقت على قبولهم ومنحتهم أرقاماً رسمية بشرط خضوعهم لنظام داخلي يضمن شفافية التعليم ومصداقيته، وبإشراف مجموعة من الأسرى الذين يحملون الشهادات العليا.