ليس مفاجئاً أن تحتل إيران رأس قائمة أهداف جهاز «الموساد» الإسرائيلي، ويليها في المرتبة حزب الله، خاصة أن ترتيب الأولويات الأمنية يتبع لتحديد المؤسسة الإسرائيلية منابع التهديدات الاستراتيجية المحدقة بإسرائيل، كذلك يوجد شبه إجماع بين مختلف أطياف المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، على أن إيران وحزب الله يشكلان التهديد الاستراتيجي على إسرائيل وأمنها، برغم وجود بعض الخلافات حول كيفية مواجهة هذه التهديدات، والاستراتيجية الواجب اعتمادها في هذا المجال.
أيضاً، ليس مفاجئاً الحديث عن أن ما ميّز ولاية رئيس «الموساد» الحالي تعزيز مستوى التعاون الأمني مع أجهزة استخبارات صديقة، في دول قريبة وبعيدة، من أجل مواجهة إيران. بل لم يعد مفاجئاً لو كشف لاحقاً عن عمليات تنسيق عملانية جرت بين هذه الأطراف، ضد طهران والحزب، ولا سيما أن المرحلة العلنية من الاتصالات والرسائل السياسية المتبادلة بلغت مستوى كافياً للكشف عما تحقق على مستوى العلاقات السرية.
ويكشف المسار العام الذي يحكم أداء العديد من الدول العربية، وتحديداً الخليجية، أن الهدف لتطور العلاقات والتدرج في تظهيرها إلى العلن، هو الدفع باتجاه التعامل مع إسرائيل كأنها دولة طبيعية في المنطقة «لها الحق في الوجود والأمن»، متجاوزة حقيقة أنها قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي جرى تهجيره في بلاد العالم، بل يأتي ذلك تأسيساً لمرحلة «أرقى» يعبرون عنها في إسرائيل بوضوح، عبر نسج تحالفات مع دول عربية في مواجهة «التهديدات المشتركة».
ضمن هذا الإطار، يأتي ما ذكرته صحيفة «معاريف» عن أن إيران كانت ولا تزال ــ خلال ولاية رئيس «الموساد» الحالي تامير باردو ــ الهدف الأول، يليها حزب الله. وتضيف الصحيفة أن «الموساد» تحت قيادة الرئيس السابق (مائير دغان) كان يركز أكثر على اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين (اغتيال خمسة منهم) أما في ولاية باردو، فاغتيل عالم إيراني واحد.
مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن مسلسل الاغتيالات لا يعني أنه انتهى في حال توافُر الفرص لذلك، فيما توضح «معاريف» أن «الموساد» ركز في المدة الأخيرة أكثر على الحرب الإلكترونية، وتحديداً زرع فيروسات إلكترونية في المنظومة المحوسبة لأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وذكرت الصحيفة أن «الموساد» يدفع نحو مزيد من تعزيز علاقاته بأجهزة استخبارات صديقة، على خلفية مواجهة «التهديدات المشتركة المتمثلة بإيران وبرنامجها النووي وهيمنتها في المنطقة. كذلك يأتي ذلك امتداداً للعلاقات التي كانت قائمة في مرحلة ما قبل ولاية باردو.
وتكمل الصحيفة: «الموساد سعى أيضاً عبر هذا التعاون إلى إضعاف تنظيم داعش، عند حدود إسرائيل في سوريا ومصر، وضرب وجود تنظيم القاعدة المتمثل في جبهة النصرة في الجولان».
ونشرت مقالة «معاريف» مع اقتراب ولاية باردو من نهايتها، بعد نحو ستة أشهر، إذ يكون قد أتم خمس سنوات في منصبه. وبفعل التقديرات التي ترجح امتناع بنيامين نتنياهو عن التمديد له، تسود العديد من التقديرات حول هوية من سيخلفه في رئاسة «الموساد»، مع الإشارة إلى أن العديد من رؤساء «الموساد» السابقين جرى التمديد لهم، ومنهم دغان الذي بقي في منصبه ثماني سنوات.
أما بخصوص السبب الذي قد يدفع نتنياهو إلى منع التمديد، برغم العلاقة الوثيقة بينه وبين باردو، فهي كما أوردت لتقديرات «معاريف»، تعود إلى أقوال أدلى بها الأخير خلال لقاء مع رجال أعمال، وصرح فيها بأن إيران لا تشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل، وهو ما يتعارض مع السياسة الدعائية التي تعتمدها تل أبيب في مواجهة محاولات السداسية الدولية للتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، كما قال باردو إن التهديد الجوهري هو غياب حل للصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني.
على هذا الأساس، تراوح التقديرات بشأن الشخصية البديلة لباردو حتى الآن بين أربعة مرشحين: الأول قائد سلاح الجو السابق اللواء أمير إيشل، والثاني نائب باردو الذي سعى إلى تأهيله لخلافته، والثالث نائب رئيس «الموساد» السابق رام بن باراك، والرابع مستشار نتنياهو لشؤون الأمن القومي يوسي كوهين.