لم تخلص «الجلسة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني»، الأولى، التي عقدت على مدار يومين في بيروت، إلى اتفاق واضح حول عقد المجلس، إنما علّقت مصير التوافق بين أكثر من 13 تنظيماً فلسطينياً من مختلف الأطياف، بحكومة وحدة وطنية يشكل قوامها الأساسي تنظيمان فلسطينيان هما على أشد الخلاف، «حماس» و«فتح»، ثم على هذه الحكومة أن تنظم انتخابات عامة وشاملة للشعب الفلسطيني في الشتات والمهجر، علماً بأن هذين التنظيمين كانا قد أخفقا قبل شهور قليلة في عقد انتخابات للمجالس البلدية في نطاق قطاع غزة والضفة المحتلة فقط.
وسط هذا المشهد السياسي الركيك، الذي صار في أحسن أحواله يصل إلى التوافق الشكلي (راجع عدد الأمس) مع القناعة الكلية بأنه لا تطبيق لأي من مخرجات الاجتماعات واللقاءات، تتحدث مصادر فلسطينية من الداخل والخارج، عن زيارة قريبة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى العاصمة اللبنانية، مطلع الشهر المقبل، تحت عنوان تهنئة الرئيس ميشال عون.
وبينما كانت مواقع إعلامية تتناقل حديثاً عن سفر قصير لكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، إلى القاهرة «من أجل الاعتذار وتوضيح الموقف والتنسيق لعقد المجلس الوطني هناك»، نفت المصادر نفسها أن يكون قد أقرّ مكان لعقد «المجلس»، مشيرة إلى حضور عريقات الجلسات في بيروت. وأضافت تلك المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن المتفق عليه هو «مواصلة اللجنة التحضيرية أعمالها من بيروت... على أن تقرر في غضون السنة الجارية موعد ومكان عقد المؤتمر، لكن الأمر لا يزال مربوطاً بإتمام المصالحة، التي لا شك أن مصر معبر لها».
وورد في البيان الختامي، أول من أمس، إشارة إلى بنود كان مستغرباً أن توافق عليها كل من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، بالقياس إلى مواقفهما السياسية ومواثيقهما الأساسية، خاصة رهن قضية التباحث في البرنامج السياسي بإجراءات يتخذها رئيس المجلس، سليم الزعنون، تنتهي بإنجاز نظام انتخابات المجلس من دون تأكيد مخرجات التعديلات الرئيسية على ميثاق «منظمة التحرير». كما كان لافتاً «التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بممارسة صلاحياتها في جميع أراضي السلطة الفلسطينية، بما فيها القدس وفقاً للقانون الأساسي»، علماً بأن فصائل عدة هي خارج قضية تشكيل حكومات السلطة الفلسطينية وترفض الأساس السياسي القائمة عليه.
على صعيد موازٍ، قرر وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، جون كيري، المشاركة في «مؤتمر باريس للسلام»، الذي سيعقد في فرنسا الأحد المقبل، وذلك قبل خمسة أيام من رحيل الإدارة الحالية، رغم أن هذا المؤتمر لا يُتوقع أن يقدم أو يؤخر في عملية التسوية بين السلطة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، خصوصاً أن العدو يرفض المشاركة فيه.
رغم ذلك، قال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، إن «وحدها مفاوضات ثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن أن تؤدي إلى السلام». وأضاف في كلمة أمس أمام أعضاء السلك الديبلوماسي، أن هدف المؤتمر «إعادة تأكيد دعم الأسرة الدولية لحل الدولتين، وإبقاء هذا الحل المرجع» لتسوية صراع مستمر منذ سبعين عاماً. واعترف هولاند بأنه «مدرك لما يمكن أن يحمله هذا المؤتمر... السلام سيصنعه الإسرائيليون والفلسطينيون ووحدها مفاوضات ثنائية يمكن أن تسفر» عن نتيجة.
في المقابل، وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المؤتمر الدولي في فرنسا بأنه «خدعة»، مؤكداً أن حكومته ترفض لعب أي دور فيه. وأضاف خلال لقائه وزير الخارجية النروجي، بورغ بريندي، في القدس المحتلة، أن «هناك جهوداً تسعى إلى تدمير فرص تحقيق السلام، وأحدها هو مؤتمر باريس»، مشيراً إلى أن «هذا المؤتمر هو خدعة فلسطينية برعاية فرنسية تهدف إلى اعتماد مواقف أخرى معادية لإسرائيل»، مضيفا أنه (المؤتمر) «من مخلفات الماضي، إنه اللحظات الأخيرة من الماضي قبل حلول المستقبل».
بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن مؤتمر باريس «يشكل فرصة مهمة لتأكيد حل الدولتين وعدم شرعية الاستيطان، خاصة أن المجتمع الدولي بأسره موجود في هذا المؤتمر بعد قرار مجلس الأمن الدولي المهم الذي أكد أيضاً حل الدولتين وعدم شرعية الاستيطان». وأضاف أبو ردينة تعقيباً على تصريحات نتنياهو، أن «المطلوب من المجتمع الدولي هو التأكيد للحكومة الإسرائيلية أن رفضها قرارات الشرعية الدولية لن يجلب سوى المزيد من القلاقل وغياب الاستقرار في المنطقة والعالم».
(الأخبار)