لم تتوقف اللقاءات التركية ــ الروسية في أنقرة تحضيراً لمفاوضات أستانا السورية. لا تلويح «الجيش الحر» بتجميد مشاركته في المحادثات ولا الخروقات المتكررة للهدنة تحول حتى الآن دون إكمال راعيّي المسار السياسي الجديد من إكمال اتفاقهما وصولاً إلى طاولة المفاوضات في العاصمة الكازاخية.
وربطاً، أيضاً، بإطلاق العملية السياسية، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أنّ قوات بلاده الجوية نفذت مهمتها الرئيسية، وهي تواصل تقليص وجودها العسكري تنفيذاً لقرار الرئيس فلاديمير بوتين. وبالتزامن مع تذكير شويغو بأنّ جهود بلاده وشركائها سمحت بالتوصل إلى الاتفاق حول عقد لقاء أستانا لتسوية الأزمة، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو ضرورة الإعداد المثمر والبنّاء لمفاوضات أستانا حول الأزمة السورية، وذلك في اتصال هاتفي أمس.
بدوره، بحث نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، مع مجموعة من المعارضين الوضع السياسي والعسكري في البلاد. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن وزارة الخارجية قولها، في بيان، إن «بوغدانوف بحث الوضع العسكري – السياسي في سوريا مع مجموعة من المعارضين السوريين، على رأسهم جنرالات في المعارضة، ومنهم مصطفى الشيخ وخالد الحلبي».

فيون: الوضع في الشرق الأوسط يخرج من تحت سيطرة الغرب

ولتخفيف أجواء التوتّر والاتهامات المتبادلة في خرق وقف إطلاق النار، أظهرت نتائج الرقابة الروسية ــ التركية على الوضع الميداني تراجع عدد الخروقات بقدر كبير. وأكد الطرفان أن «اللجنة الروسية ــ التركية تحقق في كافة الحوادث التي تم رصدها، إضافة إلى اتخاذ إجراءات لمنع تكرارها».
وفي هذا الإطار أيضاً، ذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية أنّ فصائل المعارضة السورية أعلنت انضمامها إلى محادثات الخبراء الروس والأتراك، في يومها الثاني في أنقرة، للإعداد لمفاوضات أستانا، لمراجعة بنود اتفاق وقف إطلاق النار والخروقات وسبل التعامل معها.
وقال عضو المكتب السياسي لـ«الجيش السوري الحر»، زكريا ملاحفجي، إنه ستجري مناقشة نتائج بنود اتفاق أنقرة الذي نص على وقف شامل لإطلاق النار، والخروقات المتكررة من قبل دمشق. الأخير حمّل السلطات السورية مسؤولية تأزم الوضع في وادي بردى، موضحاً أن الفصائل المسلحة ستطلب، من الجانب الروسي، الضغط للعمل على وقف إطلاق النار هناك.
وفي السياق، أكد مسؤول «مكتب تمثيل روج افا» (منطقة الإدارة الكردية في شمال سوريا) في باريس، خالد عيسى، أن الأكراد السوريين ليسوا مدعوين إلى المفاوضات في كازاخستان. وقال عيسى، وهو من «حزب الاتحاد الديموقراطي»، لوكالة «فرانس برس»: «لسنا مدعوين. يبدو أن هناك فيتو على وجودنا». وأضاف «يبدو أن ممثلي الفصائل المسلحة وحدهم سيتلقون دعوة للتفاوض مع النظام السوري في أستانا، بلا ممثلين (للمعارضة) السياسية».
وتابع عيسى: «إذا كانت هناك إرادة لحل سلمي في سوريا، فلا يمكن إلا أن يؤخذ الأكراد في الاعتبار»، مضيفاً «آمل ألا نكون غائبين عن حل دولي... لدينا مشروع سياسي: الفدرالية الديموقراطية لسوريا برمتها. ونحن مستعدون للتفاوض مع نظام (دمشق) مع ضمانات دولية».
وبالعودة إلى تصريح سيرغي شويغو، كانت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية قد أعلنت الأسبوع الماضي الشروع في تقليص الوجود العسكري الروسي في سوريا.
وأكّد شويغو أن القوات الروسية علّقت في أواخر العام الماضي كافة العمليات القتالية في البلاد، باستثناء توجيه الضربات إلى إرهابيي تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة».
وشدد على أنّ «عملية محاربة الإرهاب في سوريا مستمرة»، معرباً عن أمله «في انضمام طيران وقوات تابعة لدول أخرى لهذه الجهود».
كذلك، علّق وزير الدفاع على تصريحات لنظيره الأميركي أشتون كارتر رأى فيها أن مساهمة روسيا في محاربة «داعش» تساوي صفراً. وردّ شويغو على كارتر بسخرية، مؤكداً أنه يمكن أن «يوافق على هذا التقييم، على الرغم من كونه غير دقيق، لو لم يخطئ نظيره لدى ذكر اسم الدولة المذنبة». ولفت إلى أن «نتائج عمل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، لا تساوي صفراً فحسب، بل تُعتبر سلبية».
إلى ذلك، رأى المرشح اليميني في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في فرنسا، فرانسوا فيون، أنّ الوضع في الشرق الأوسط بدأ يخرج من تحت سيطرة الغرب، في مقابل تنامي نفوذ روسيا. ودعا في تصريحات صحافية، أمس، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجديد الدور الفرنسي النشط في شؤون الشرق الأوسط، قائلاً: «لم يعد صوت فرنسا مسموعاً في الساحة الدولية، وعليها اتخاذ إجراءات لتعزيز سمعتها».
(الأخبار، أ ف ب)