القاهرة | لم يكن مفاجئاً إعلان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن تعداد القوات المسلحة الموجودة في سيناء، وقوامها 25 ألف ضابط وجندي، موزعين على 41 كتيبة، ومنتشرين في شبه الجزيرة المصرية، بموجب الترتيبات الأمنية التي نصت عليها اتفاقية «كامب ديفيد».
تلك الترتيبات معروفة، وربما كان أجدى بالرئيس المصري، الآتي من خلفية استخباراتية ــ عسكرية، أن يتطرق إلى أثر تلك القيود في تكبيل أيدي القوات المسلحة التي تواجه حرباً مفتوحة ضد الجماعات التكفيرية، والإقرار بأن ثمة خللاً في توزيع تلك القوات، بين جنوب ينعم بالأمن والرخاء، وشمال تحوّل خلال السنوات الماضية إلى بؤر للتنظيمات المتشددة.
لم تختلف الأرقام التي تحدث عنها السيسي عن تلك التي وردت في اتفاقية «كامب ديفيد»، الموقّعة بين مصر وإسرائيل بشأن الوجود العسكري للقوات المسلحة المصرية في سيناء، رغم الاختلاف البسيط في مستوى التسليح، غداة تفاهمات جرت بين القاهرة وتل أبيب، سمحت بتحليق الطائرات الحربية فوق مدينتي الشيخ زويد ورفح. ويحقّ للجيش الحضور عبر 22 ألف جندي في المنطقة (أ)، وأربع كتائب حرس حدود في المنطقة (ب) مع وجود للشرطة في المنطقة (ج)، الأمر الذي يعني أن ثمة إخفاقاً في ترتيب أولويات الحضور العسكري، في حين أن التحديات التي تواجه الجيش المصري يومياً هناك، تؤكد سطوة العناصر المسلحين الذين لا يزالون يحاولون فرض سيطرتهم على مناطق محددة.
ورغم وجود تنسيق مصري ــ إسرائيلي منذ سنوات، أدى إلى إدخال أسلحة ثقيلة، ووصول الدبابات إلى المناطق الحدودية، خاصة بعد عزل الرئيس محمد مرسي، فإن ذلك التنسيق لم يثمر عن دخول المزيد من الجنود. ولم يتحدث السيسي عن توزيع القوات المنتشرة في سيناء، والتي تتمركز غالبيتها في الجنوب لحماية المقاصد السياحية، وهو ما يعني أن القوات الموجودة في شمال سيناء تقل عن 18 ألفاً في أفضل تقدير، وهو عدد قليل مقارنة بالتقارير التي تتحدث عن وجود قرابة خمسة آلاف مقاتل تكفيري مختبئين بين الدروب الصحراوية.
ويخوض الجيش المصري معركة مفتوحة ضد التكفيريين، اختلفت مستوياتها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفرضت على السيناويين دفع فاتورة باهظة من عمليات التهجير والإخلاء للشريط الحدودي، والرزوح تحت نير الإجراءات الاستثنائية... وغيرها من أشكال المعاناة الحياتية اليومية.
حين سئل السيسي، خلال حديثه التلفزيوني أول من أمس، عن حق الشهداء الذين يسقطون يومياً هناك، ردّ متسائلاً: «هو أنا لسه مجبتلكوش حقكم؟»... لم يوضح السيسي ما المقصود بذلك!