في ظل انخفاض أسعار النفط، مترافقاً مع نموّ سريع للسكان، تُجبَر دول الخليج على اتخاذ إجراءات تقشف وتعديلات اقتصادية، وهو طريق لا تبدو الكويت بعيدة عنه أيضاً، وفق مقال في صحيفة «وال ستريت جورنال» الأميركية، نشر أمس. وأشارت الصحيفة إلى أن الإجراءات التي ستنفذ في الكويت صعبة، ومن المرجّح أن تلقى معارضة في وجهها.
وبالعودة عقوداً عدة إلى الوراء، فقد عرفت دول الخليج نموذجاً اجتماعياً واقتصادياً واضحاً، سمح للعائلات الحاكمة في السعودية والكويت والإمارات وقطر بأن تحكم بالطريقة التي تلائمها. في المقابل، وفق الصحيفة، أعفي المواطنون من بعض الضرائب، وتلقوا دعماً في الوقود والإسكان والكهرباء. لكن تلك المعادلة التي أثّرت في «القيم الاجتماعية»، وفق ما يشير أحد النواب الكويتيين للصحيفة، عبدالله النيباري، إذ بدأ الناس «يسعون إلى الوظيفة الحكومية» والعمل ثلاث ساعات في اليوم، لا تبدو قابلة للاستمرار في ظل الوضع الحالي. ويعود ذلك إلى أن الاقتصاد الكويتي يعاني مثل كل ممالك الخليج من التراجع، إذ بلغ عجز الميزانية الكويتية في العام المنصرم 17 في المئة.
وبسبب ذلك التراجع، طرحت السلطات في البلاد وضع ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم بشكل تدريجي. لكن تلك الإجراءات، وفق الصحيفة، قد لا تكون مقبولة لدى المواطنين، مع الإشارة إلى أن معارضتها ستكون فعالة أكثر مما هي عليه في السعودية التي تفرض إجراءات شبيهة أيضاً ضمن «رؤية 2030» لولي ولي العهد محمد بن سلمان. وذلك يعود إلى وجود برلمان «منتخب وقوي» في الكويت و«صحافة حرة نسبياً»، وكذلك فإن عدداً من النواب تعهدوا بالقيام بحملة ضد خطة التقشف وإيقافها.
وقال النائب في حركة «الإخوان الملسمين»، محمد دلّال، للصحيفة، إنه في ظل «طريقة الإدارة الموجودة في البلاد، لا يمكن تطبيق إصلاحات»، فالحكومة نفسها «تصرف مئات الملايين على مواضيع ثانوية، مثل رواتب المسؤولين الكبار وتكاليف سفرهم ومكافآتهم».ووفق دلّال، فإن «الشباب أصبحوا عدائيين ويريدون وظائف ليحصلوا على منازل. وإن لم نعطهم ذلك، فسيصبحون عدائيين ضد الحكومة والعائلة الحاكمة».
وقالت النائبة صفا الهاشم للصحيفة «إن إعادة هيكلة الإنفاق ورفع الناتج المحلي الإجمالي لا يبدآن من جيوب المواطنين الكويتيين، بل من الهيكل التنظيمي». وأضافت أن «الشعب الكويتي لا يمانع دفع الرسوم لبعض الخدمات، ولكن تحت شرط وحيد، دعونا نرَ أولاً انخفاضاً في مستوى الفساد وارتفاعاً في مستوى الإنجاز».
وبالنسبة إلى أحد مستشاري الملك، يوسف الإبراهيم، فإن الإصلاحات يجب أن تكون فرصة لتغيير المجتمع الكويتي واستعادة «الفخر بالعمل الشاق» والتخلص من عادات «عهد النفط» السيئة. وتابع أن فترة سياسية صاخبة تنتظر البرلمان، إذ «سنرى حواراً مشوّقاً، وربما مناوشات وشجاراً».

(الأخبار)