صوّبت السعودية سهام الجامعة العربية، أمس، إلى الجهة التي تريدها والتي تعمل على تأزيم الوضع معها، منذ أكثر من أسبوع، فقادت وزراء الخارجية العرب وراءها، لتُخرج منهم بيان إدانة لـ"الاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران"، على خلفية إعدام الشيخ السعودي نمر النمر. لكن الإدانة التي سبقها تحشيد سعودي غير مسبوق، واجتماع لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، خرقها الرفض اللبناني لشمول البيان حزب الله، لاتهامه بالتدخل في البحرين.
ودان وزراء الخارجية العرب في بيان، بشدة، ما وصفوه بـ"الاعتداءات" التي وقعت على مقارّ البعثة السعودية في إيران، وقالوا إنهم يرفضون قطعاً تدخل إيران في شؤون المملكة وشؤون أي دولة عربية أخرى. ودعا البيان، في ختام الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية، الذي عقد بناءً على طلب الرياض "التضامن الكامل" معها، إلى تشكيل مجموعة عمل تضم كلاً من الإمارات ومصر والكويت لعرض "التجاوزات الإيرانية" على الأمم المتحدة.
وشدّد وزراء الخارجية العرب على "دعم" جهود السعودية "في مكافحة الإرهاب، ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، كما أدانوا "تدخل إيران المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية على مدى العقود الماضية"، معتبرين أن "هذا النهج يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، كما يعتبر انتهاكاً لقواعد القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار". وندّد المجلس "بالتدخل الإيراني في الأزمة السورية، وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية"، وأيضاً "بتدخلات إيران في الشأن اليمني الداخلي، عبر دعمها للقوى المناهضة لحكومة اليمن الشرعية، وانعكاس ذلك سلباً على أمن واستقرار اليمن ودول الجوار والمنطقة بشكل عام".
وفي السياق، ذكر وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد في ختام الاجتماع، أن "جميع الدول العربية وافقت على البيان الختامي الصادر عن وزراء الخارجية العرب"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "لبنان لم يوافق على هذا البيان، بعدما وردت فيه إدانة لتدخل حزب الله في البحرين".
من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في ختام الاجتماع، أنه "كان هناك إجماع ودعم كامل لموقف السعودية"، مشيراً إلى أن "ملاحظات كانت لدى العراق على البيان الذي أدان الاعتداءات، لكنه في الوقت ذاته أيّد البيان". وذكر العربي أن لبنان أيضاً كان "محرجاً بسبب كلمة حزب الله"، لأن "الحزب موجود في الحكومة".
وفي السياق، أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال "الأخبار"، بأن "العراق تحفّظ على البند الذي يربط حزب الله بالإرهاب، ضمن بنود عدة وتم تقديم ذلك تحريرياً إلى الجامعة العربية". وأوضح جمال أنه "رغبة من العراق بعدم الوقوف أمام الإجماع العربي، فإنه شاطر الدول العربية قرار إدانة الانتهاكات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، من قبل بعض العناصر المغرضة".
بدوره، صرّح وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري "اختلفنا على نقطة أساسية، وهي أن هناك إدانة للحكومة الإيرانية، ونحن لا نريد أن ينسحب فعل مجموعة هاجمت السفارة على الدولة"، مؤكداً "أننا لا نقبل بإدانة إيران، بل إدانة المرتكبين، وخصوصاً أن طهران قامت بخطوات مهمة؛ ضمنها فصل أحد المسؤولين لتقصيره". وأكد الجعفري أنه "عند التصويت أبدينا ملاحظاتنا وتحفظاتنا وقمنا بتسجيل ورقة مدونة ودفعناها إلى الإدارة"، مضيفاً أنه "تمّ التحفظ وإبداء ملاحظات على نقاط كثيرة جداً، لكننا لا نخرج عن الإجماع العربي".
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد عقدت اجتماعاً، السبت، في الرياض. وأعلن الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني أن "المجلس الوزاري الخليجي الاستثنائي، اتفق على وضع آلية فعالة لمواجهة التدخلات الإيرانية"، من دون أن يحدّد ماهية تلك الآلية.
وقال الزياني، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن مجلس التعاون الخليجي "دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ التدابير اللازمة، لإلزام إيران باحترام مبدأ حسن الجوار قولاً وعملاً، ووقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ووقف دعمها للإرهاب، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها".
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)