بغداد | تعرض الاقتصاد العراقي لانتكاسة كبيرة بعد سيطرة تنظيم «داعش» على مساحة ثلث البلاد، في العاشر من حزيران 2014، إذ دمرت البنى التحتية لأكثر من ثلاث محافظات بسبب المعارك والقصف المستمر من طيران الجيش والقوة الجوية و«التحالف الدولي»، إضافة إلى أن التنظيم استحوذ على أموال البنوك واوقف العديد من المنافذ التجارية وقسّم السوق العراقية إلى شمالية وجنوبية.قدرت الخسائر المالية للعراق خلال العام الماضي بأكثر من 300 مليار دولار وفق خبراء الاقتصاد، كما أن ديوناً مالية ترتبت على العراق بأكثر من 21 مليار دولار بعد شرائه أسلحة بالدفع بالآجل.

وكشفت الحصيلة النهائية التي أعدتها اللجنة المسؤولة عن اعمار المحافظات المتضررة أن 870 مبنى حكومياً و218 جسراً و14 نفقاً مرورياً دمرت بالكامل، إضافة إلى 300 كلم من شبكتي سكك الحديد في غرب وشمال البلاد.
المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، مظهر محمد صالح، أعلن أن «الحرب ضد تنظيم داعش كلفت العراق مبالغ كبيرة، إذ بلغت من الناتج الإجمالي 15%، ما يقدر بنحو 30 مليار دولار، إضافة إلى تخصيص الحكومة 25 مليار دولار لدعم القوات الأمنية خلال العام الحالي في الميزانية المالية».
تشير التقديرات إلى أن تكلفة الحرب تصل إلى نحو10 ملايين دولار يومياً

وأضاف صالح، في حديث لـ«الأخبار»، أن «القطاعات الانتاجية في المحافظات التي تشهد عمليات عسكرية أصيبت بالشلل حيث توقف انتاج النفط في مصفاة بيجي»، موضحاً أن «نسبة النمو في الاقتصاد العراقي أصبحت 1% وفق تقديرات صندوق النقد الدولي مما سينعكس سلبا على البلاد».
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، شدد على صعوبة القيام بمسح كامل عن حجم الضرر الذي لحق بالمناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، مثل نينوى وأجزاء من صلاح الدين والأنبار، مبيناً أن «وزارة التخطيط ستقوم مع وزارات الصحة والبلديات والخدمات والاعمار والتربية والتعليم العالي والحكومات المحلية بقياس حجم الضرر».
وأضاف الهنداوي لـ«الأخبار» أن «حجم الضرر في البنى التحتية كبير جداً، وهناك خطة بالتنسيق مع الجهات المعنية تعتمد على محورين، الأول إعادة الاستقرار للمناطق المحررة من توفير متطلبات عودة العائلات النازحة والثانية إعادة اعمارها، حيث جرى إنشاء صندوق اعمار المناطق المحررة بقيمة 500 مليار دينار».
وأوضح أن «العراق يسعى إلى الحصول على مساعدات دولية لدعم صندوق اعمار المناطق المحررة من خلال الاجتماعات الدولية، وكان آخرها اجتماع الدول السبع الكبار في برلين»، مبيناً أن «نسبتي البطالة ارتفعت إلى 15% بعدما كانت 12%، والفقر لأقل من 30% بعدما كانت 19%».
وحول قطاع النفط، قال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، لـ«الأخبار»، إن «أضرارا كبيرة حصلت في القطاع النفطي نتجت عن خسائر بعشرات المليارات منها توقف مصفاة بيجي عن العمل التي كانت تنتج 300 ألف برميل يومياً وتلبي نصف حاجة العراق، الأمر الذي اضطررنا إلى شراء وقود من خارج البلد».
وأضاف جهاد أن «سيطرة داعش على محافظة نينوى أدت إلى إيقاف أنبوب صادرات النفط الذي كان يصدر أكثر من 300 ألف برميل يومياً وما يقارب إيراداته مليار دولار شهرياً»، مبيناً أن «الأضرار في البنى التحتية في المناطق الشمالية كبيرة جداً، بعدما عبث داعش بحقلي عجيل وحمرين وكان يستخرج النفط على نحو عشوائي».
الخبير الاقتصادي، سلام عادل، بيّن أن «العراق مديون للعديد من الدول بمبلغ أكثر من 21 مليار دولار بسبب الحرب ضد داعش»، كاشفاً أن «البنى التحتية للمحافظات التي تشهد عمليات عسكرية انهارت على نحو كبير وتحتاج إلى ما يقارب 60 مليار دولار لإعادة اعمارها».
وأضاف عادل، في حديث لـ«الأخبار»، أن «تنظيم داعش سيطر على مساحة واسعة من الأراضي الزراعية، وخصوصاً أنها تمثل 40% من الناتج الإجمالي للقمح»، مشيراً إلى أن «التنظيم سيطر على حقول نفطية كبيرة حيث كان يبيع يوميا 60 -100 ألف برميل يومياً بسعر عشرة دولارات للبرميل الواحد».
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي، ماجد الصوري لـ«الأخبار»، إن «تكاليف الحرب تنحصر بما بين 300 ـ 500 مليار دولار، لأن هناك خسائر اقتصادية واجتماعية وبشرية».
في غضون ذلك، قال استاذ الاقتصاد في «الجامعة المستنصرية»، ميثم لعيبي، إن «العمليات العسكرية ما زالت مستمرة ومن الصعب حصر الخسائر بأرقام، بسبب عدم حسم المعارك، لكن يمكن القول ان هناك نوعين من هذه الأضرار، منها أضرار مباشرة، تتمثل بتكلفة العمليات العسكرية، والأعتدة والأسلحة ونفقات رواتب الجيش والحشد الشعبي، فضلاً عن تضرر البنية التحتية والمنشآت التي يجب إعادة إعمارها مستقبلاً، ومنها أضرار غير مباشرة وطويلة الأمد، تتمثل بفقدان فرص التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية، سواء في قطاعات الزراعة أم الصناعة أم الخدمات وغيرها، فضلاً عن تكاليف الفرص البديلة الضائعة على الاقتصاد».
وأكد لعيبي أن «التقديرات تشير إلى أن تكلفة الحرب الحالية تقدر بحوالي 10 ملايين دولار يومياً، وأن الموازنة العامة انفقت بحدود الـ100 مليار دولار في المجالات العسكرية لعام 2014، وأن هذا المبلغ قد تضاعف في موازنة 2015، بما يتضمنه من مساعدات وقروض رسمية وغير رسمية».