الجزائر | في 17 نيسان (أبريل) الماضي، انتهى العام الأول من العهدة الرابعة للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة. وبينما تنشر الجرائد الجزائرية المعارضة، مثل «الوطن» و»ليبيرتي» (الناطقتين بالفرنسية) و»الخبر» (بالعربية) ملفات شارك فيها خبراء اقتصاديون وباحثون وصحافيون قيّموا فيها العام الأول الذي اختتِم باحتجاجات منطقة عين صالح حول قضية الغاز الصخري، نشرت جريدة «لوفيغارو» الفرنسية ملفاً شارك فيه وزراء من الحكومة الجزائرية، يشيدون بانجازات «العام الأوّل»، التي عدّوها تكمِلة لمشروع الرئيس منذ وصوله إلى الحكم سنة 1999.
هذا العام أيضاً، كان عام فضائح ومحاكمات بالجملة. من «قضية القرن»، كمّا سمتها الصحافة الفرنسية منذ سنوات (قضية رجل الاعمال عبد المؤمن خليفة)، إلى محاكمة مسؤولين ومقاولين في قضية الطريق السيّار شرق ــ غرب، مروراً بكتاب «باريس ــ الجزائر... علاقة حميمية» الصادر قبل أسابيع في فرنسا، الذي كشف عن عشرات المسؤولين الجزائريين الذين يملكون عقارات في فرنسا وبطاقات إقامة، وأشياء أخرى. أحد هؤلاء، الذي كتبت عنه جريدة «لوموند أفريك» قبل صدور الكتاب بشهور، هو عمّار سعداني، الأمين العام لـ»حزب جبهة التحرير الوطني»، وموضوع حديث الجرائد والنّاس منذ أيام، بعد إعادة انتخابه في المؤتمر العاشر للحزب، وما ترتب على ذلك.
قرأ البعض الرسالة كتزكية لعمّار سعداني من قبل المؤسسة العسكرية

بعد انعقاد المؤتمر العاشر لـ«جبهة التحرير» (أو الأفالان)، وانتخاب عمّار سعداني أمينا عاما، مرّة أخرى، وبعد الانشقاقات القديمة/الجديدة داخل الحزب المعتبر حاكماً منذ الاستقلال (1962)، أتت رسالة الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، المُرسلة الى عمّار سعداني لتهنئته بإعادة انتخابه لتتسبّب في موجة من ردود الفعل، وخاصةً أنّها تضّمنت عبارات مثل «الأخ».
رؤساء أحزاب تُحسب على المعارضة مثل عبد الرزاق مقري من «حمس»، وسفيان جيلالي من «جيل جديد»، وعلي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبّق والمرشّح في الانتخابات الرئاسية السابقة وغيرهم، اجتمعوا حول أن هذه الرسالة تمثّل خرقا للدستور الذي ينّص على حياد الجيش، وعدم تدخّله في الممارسة السياسية، وخاصة أنّه انسحب منها رسمياً سنة 1989، أي في السنة نفسها لتعديل الدستور والدخول في التعددية الحزبية. وأيضاَ عدّوها «مساساً بلُحمة الجيش الوطني الجزائري وبوحدته» بانحيازه لفئة سياسية معيّنة أو جماعة، إذ إن أفعالاً مماثلة تورّط الجيش في حسابات سياسية ليست من مهماته، ولا من أولوياته، ولا سيما في ظل حديثهم عن الانتقال الديموقراطي الذي حان وقته، لمحاولة الخروج بأقل الأضرار الممكنة.
هذا الانحياز أيضاً قرأه البعض كتزكية لعمّار سعداني من قبل المؤسسة العسكرية، وخاصة في ظل الأسئلة الكثيرة التي تُطرح حول خليفة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، المُستمرة عُهدته حتى عام 2019 برغم أحواله الصحية المتدهورة منذ سنة 2013، ما يجعل من هذا السؤال ضرورة.
أحمد أويحيى، رئيس الحكومة الأسبق، ورئيس غُرفة رئيس الجمهورية، الذي يتوقّع البعض أن يكون مرشّحاً مهماً للرئاسيات يعود أيضاً، أمس، إلى حزبه «التجمع الوطني الديموقراطي»، أو «الآرندي». عودة أويحيى أمينا عاما للحزب الذي ليس بعيداً عن دوائر السلطة، تعني أنّه سيؤدي دوراً مهماً على رأس حزبه.
بين أسماء مماثلة، مقرّبة من الجماعة الحاكمة، وبين انحيازات وترتيب أوراق، كرسالة نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، الى الأمين العام لحزب الأفالان «الحاكم»، يبقى السؤال مطروحا حول كيفية الخروج بالبلاد من هذا النفق.