بعد أبراج الكهرباء وأبواب أقسام الشرطة، عادت الانفجارات داخل مصر لتضرب أحد أعمدة الاقتصاد الذي لم يتعاف أصلا، وهو السياحة. هذه المرة لم يكن مسلسل التفجيرات ليستهدف شرم الشيخ، جنوب سيناء، كما كان في العقد الماضي حتى قبل الثورة في البلاد، ولكنه يزحف نحو الواجهات السياحية في وقت لم ينشط فيه الموسم هذا العام وسط ترقب لاستقرار البلاد.ويوم أمس، أعلنت السلطات أنها أحبطت عملية كبيرة برغم أن انتحاريا فجر نفسه في الأقصر، جنوب القاهرة، وتحديداً قرب معبد الكرنك، أحد أهم المواقع الأثرية في مصر، كما أعلنت مقتل مهاجم آخر في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن «لم يؤدِّ إلى إصابة أي من السياح».

وكانت هذه المحافظة السياحية محل استهداف في 1997 حينما جرت نهاية ذلك العام عملية أدت إلى مقتل نحو 60 سائحا في معبد حتشبسوت، ولكن هذه المرة لم يسقط عدد كبير من الضحايا، إذ إن الرواية الرسمية أشارت إلى أن «المهاجم فجّر نفسه عند موقف السيارات (يبعد 500 متر عن المعبد الشهير) تبعه مقتل مهاجم وإصابة آخر في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة»، وبذلك تكون العملية قد ادت إلى مقتل مهاجمين ــ أحدهما الانتحاري ــ وإصابة ثالث، فضلا على إصابة أربعة آخرين.
وعادة تستهدف غالبية الهجمات المسلحة في المحافظات المصرية قوات الأمن بالعبوات الناسفة أو بالرصاص وتتبناها جماعة «أجناد مصر»، وهي بذلك في وضع أقل عنفا بكثير من سيناء، حيث تحارب السلطات جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي اعلنت ولاءها لتنظيم «داعش» وسمت نفسها «ولاية سيناء». وبالعموم، ظل السياح في مأمن من الهجمات المسلحة التي تستهدف قوات الأمن وتصيب أو تقتل مدنيين في أحيان كثيرة.
في الوقت نفسه، شهدت سيناء تطورا لافتا أمس، مع استهداف مسلحين مطار الجورة الذي تستخدمه قوة متعددة الجنسية لحفظ السلام بعدد من الصواريخ ليل الثلاثاء ــ الأربعاء. وأعلنت «ولاية سيناء» المسؤولية عن الهجوم في حسابات مؤيدة لها على «تويتر»، علما بأن القوة المتعددة الجنسية أنشئت في أعقاب السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، وتتمركز في سيناء.
وقالت «ولاية سيناء» إن الهجوم جاء ردا على «إلقاء الشرطة القبض على امرأة من سكان الشيخ زويد» القريبة من المطار، ولكن هذا يعد تطورا لافتا في ظل أن الاستهداف يكون مباشرة للجيش وقوى الأمن أو المتعاونين معها من القبائل.
في سياق متصل، نفت حركة «حماس» أي تعاون لها مع السلطات المصرية بشأن حفظ الأمن في سيناء، ومواجهة «الجماعات المتشددة». وقال القيادي في الحركة مشير المصري، إن لدى حركته «استراتيجية واضحة تتمثل في عدم التدخل في الشأن المصري، لا سلبيا ولا إيجابيا»، نافيا ما تناقلته وسائل إعلام عن «تعاون أمني مع السلطات المصرية لحفظ الأمن في سيناء ومواجهة الجماعات المتشددة». واستدرك: «ما نفعله هو حفظ أمن غزة، وضبط الحدود الفلسطينية ــ المصرية هو شأن داخلي تقوم به الأجهزة الأمنية المختصة من منطلق الحرص على أمن مصر القومي».

وفد «الإخوان»

في الشأن السياسي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها لن تستقبل وفدا من جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية، وهو موجود حاليا في واشنطن ضمن زيارة خاصة، مؤكدة في هذا الإطار أنها «لم تغير سياستها» إزاء هذه الجماعة، التي تعدّها القاهرة «إرهابية».
وقال المتحدث باسم الوزارة، جيفري راتكي، إن «الخارجية لا تعتزم لقاء الوفد» الإخواني، ولكن راتكي أقر بأنهم يتحاورون «مع ممثلين عن كل ألوان الطيف السياسي (في مصر،) وهذه جماعة التقيناها أيضا في السابق» في كانون الثاني في واشنطن، مستدركا: «ليس لدينا مشروع للقائهم في الوقت الراهن».
لم يعلق المتحدث على معلومات تحدثت عن استياء السلطات المصرية من هذه الزيارة واستدعائها السفير الأميركي في القاهرة، روبرت ستيفن بيكروت، إلى مقر الخارجية المصرية (قبل يومين) لإبلاغه موقفها، كما لزمت الخارجية المصرية وكذلك السفارة المصرية لدى واشنطن الصمت إزاء الزيارة حتى الآن.
في الوقت نفسه، انطلقت أمس المرحلة العملية من المناورات الروسية ــ المصرية المشتركة في شرق البحر المتوسط، بهدف التدريب على إجراءات تأمين وحماية المسطحات المائية.
وقال رئيس وحدة الدعم الإعلامي في أسطول البحر الأسود الروسي، فياتشسلاف توخاتشييف، إن سفنا تابعة للأسطول ترافقها قوات بحرية مصرية، غادرت ميناء الإسكندرية (شمالي مصر)، للبدء بالجزء العملي من مناورات «جسر الصداقة - 2015» المقررة بين البلدين، في شرق المتوسط، بعدما اتفق البلدان في آذار الماضي، على إجراء مناورات عسكرية بحرية خلال هذا العام.

منطقة تجارية حرة

قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن القادة والزعماء المشاركين في قمة التكتلات الاقتصادية الثلاثة الكبرى التي عُقدت أمس في شرم الشيخ، يسعون إلى أن تصبح أفريقيا منطقة تجارة حرة بحلول عام 2017، مشيرا إلى أنهم «يسعون لإزالة العوائق الجمركية بين دول أفريقيا، وتحقيق التكامل الاقتصادي».
وانطلقت قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاث «الكوميسا»، و«السادك»، و«تجمع شرق أفريقيا»، بحضور رؤساء دول وحكومات 26 دولة من أعضاء التكتلات الثلاثة، وذلك في مؤتمر ليوم واحد، يناقش إمكانات تطوير الناتج المحلي للدول الأعضاء في التكتلات الثلاثة الذي يبلغ 1.2 تريليون دولار ومضاعفتها إلى 3 تريليونات، فيما يبلغ عدد سكانها 57% من إجمالي سكان أفريقيا.
كذلك دعا السيسي قادة الدول الأفريقية المشاركين إلى حضور حفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة المقرر في آب المقبل، في وقت يرى فيه مراقبون أن الشركات المصرية تواجه عقبات في الاستفادة من الاتفاقية المزمع الإعلان عنها، بما في ذلك صعوبة تدبير العملة لاستيراد الخامات والسلع الوسيطة للتصنيع ثم التصدير أو لاستيراد السلع الأخرى، ولكن من شأن إقامة منطقة التجارة الحرة تعزيز التجارة البينية الإقليمية، وإنشاء سوق أوسع نطاقا وزيادة تدفقات الاستثمارات، وكذلك تعزيز التنافسية وتشجيع تنمية البنيات التحتية الإقليمية، إلى جانب إقامة التكامل في القارة.
ويستغرق دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ بين عامين وثلاثة أعوام، ويتطلب العمل على الانتهاء من التفاوض حول قواعد المنشأ وجداول تخفيض التعرفة الجمركية، ثم التصديق عليها من برلمانات الدول الأعضاء، وهو ما يتطلب الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتطبيق.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)