لا تكاد الجهود الدبلوماسية المبذولة في سبيل تأليف حكومة وحدة ليبية تصل إلى نقطة التقاء، حتى يخرج أحد الطرفين المتنازعين باعتراض يعيد تحريك عجلة المسار السياسي إلى الوراء، الأمر الذي يستغله تنظيم «داعش» مع غيره من عوامل الفراغ والفوضى، ليتمكن من التوسع في البلاد، ليعلن أخيراً سيطرته على مدينة سرت.وفيما أعلن مبعوث الأمم المتحدة برناندينو ليون، يوم أمس، أن الطرفين الليبيين المتنازعين والمشاركين في جولة محادثات جديدة في المغرب، ردا بـ«إيجابية» على آخر مسودة اتفاق عرضتها المنظمة الدولية لإخراج البلاد من الفوضى، صرّح النائب في برلمان طبرق، طارق الجروشي، بما يناقض ذلك، حينما أشار إلى أن المجلس رفض اقتراح الأمم المتحدة تأليف حكومة وحدة، الأمر الذي قد يمثل حجر عثرة أمام الاتفاق.

وقال الجروشي إن البرلمان الليبي المنتخب منع نوابه من السفر إلى ألمانيا لحضور اجتماع مع زعماء دول أوروبية ودول شمال أفريقيا، وفق الاقتراح المقدم من مبعوث الأمم المتحدة.وأضاف الجروشي، وهو نائب رئيس «لجنة الدفاع» في مجلس النواب، أنّ «المجلس يرفض المسودة الرابعة وأيضاً يمنع الفريق المحاور من مناقشة أي بنود من المسودة، لذلك جرى استدعاء الفريق المحاور على وجه السرعة ومنعه من الذهاب إلى برلين»، كما ذكر أن القرار جرى التصويت عليه بالأغلبية.
وكان ليون قد قال، قبل ذلك، للصحافيين: «لقد وزّعنا كما لاحظتم مسودة اتفاق جديدة... كل ما يمكنني قوله حالياً أن ردّ الفعل كان إيجابياً»، في إشارة إلى المسودة الرابعة الرامية إلى إبرام اتفاق حول تأليف حكومة وحدة وطنية في ليبيا.
وصباح أمس، استأنف ليون مشاوراته في منتجع الصخيرات، قرب الرباط، مع ممثلي البرلمانين الليبيين، غداة افتتاح الجولة الجديدة من الحوار التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها «حاسمة» لإخراج ليبيا من الأزمة. ووفق بعثة الأمم المتحدة، فإنه من المرتقب أن تتوجه الوفود في الساعات المقبلة إلى ألمانيا للقاء مسؤولين من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، على أن يعود كل طرف لاحقاً إلى برلمانه لبحث اتفاق محتمل، قبل العودة إلى المغرب.
في هذا الوقت، أعلن «داعش» سيطرته على مدينة سرت التي سبق أن استولى على مطارها في نهاية أيار الماضي، وعلى محطة حرارية مجاورة، كما أفاد المركز الأميركي لمراقبة المواقع الإسلامية (سايت). ونشر «داعش» ــ ولاية طرابلس على الإنترنت مجموعة من الصور لمقاتلين، مشيراً إلى سيطرته على سرت (450 كلم شرق طرابلس)، بعدما طرد منها قوات «فجر ليبيا»، وهي تحالف لقوى تسيطر على طرابلس.
وبذلك يكون التنظيم الذي رسخ وجوده في ليبيا العام الماضي قد استغل الفوضى السائدة وغياب الاتفاق السياسي ليكمل السيطرة على المدينة التي كان يسيطر على قطاعات واسعة منها من شباط الماضي، وخصوصا مدينة النوفلية التي تحولت معقلا له.
في سياق آخر، أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية الإفراج عن طبيب إيطالي اختطف في ليبيا خلال كانون الثاني الماضي، موضحة أنه بات، أول من أمس، في طرابلس وهو في صحة جيدة في انتظار العودة الى بلاده. وأفادت وسائل الإعلام الإيطالية بأن إيناسيو سكارافيلي (68 عاماً) اختطف في السادس من كانون الثاني الماضي على أيدي مجموعة من الجهاديين مرتبطة بجماعة «أنصار الشريعة» الإسلامية المتطرفة. والطبيب الإيطالي قد جرى الإفراج عنه وفق وسائل الإعلام الإيطالية قبل أسبوع، لكن السلطات الليبية وضعته في مكان سري.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)