لا يتوقف رئيس مجلس النواب علي عبد العال عن استغلال صلاحياته الدستورية والقانونية للتنكيل بمعارضيه. يستغل الصلاحيات لمواجهات هؤلاء، لا لانتزاع الحقوق لأصحابها، متغاضياً عن الدور المنوط برئيس المجلس الذي يفترض أن يكون محايداً ومدافعاً عن زملائه، لكنّ أستاذ القانون يحاول الاستمرار في الدفاع عن هيبة مصطنعة أمام الجميع وتجنب المزيد من الانتقادات، ولا سيما أنه بات المتمسك الأول برفض إذاعة جلسات البرلمان على الهواء مرة أخرى تجنباً للإحراجات المتوقعة والانتقادات.
يعيد عبد العال ما كان يقوم به رئيس البرلمان في نظام مبارك
ولا يبدو البرلمان الذي استمر بث جلساته تلفزيونياً أيام قليلة فور انتخابه، جاداً في إعادة جلسات البث، ولا سيما في ظل تأخر انعقاد جلساته لساعات عدة، وتأخر آليات تمرير القوانين المختلفة التي تخرج من لجان يسيطر عليها ائتلاف «دعم مصر»، وتمرَّر في الجلسة العامة من دون نقاشات مسبقة وبترتيب أولويات يشرف عليه عبد العال على نحو مباشر. فبينما يعد النواب بمناقشة المشاريع التي يقدمونها، تطرح أسبوعياً قوانين أخرى وعلى نحو مفاجئ وعاجل، مثلما حدث في قانون الجمعيات الأهلية الذي مرر الأسبوع الماضي.
من جهة أخرى، لم يتحرك رئيس المجلس تجاه حملة التشهير التي تعرض لها النائب هيثم الحريري في وسائل الإعلام، وهو المعروف بانتمائه للتيار المعارض. ولم يوضح الأخطاء التي سربتها أجهزة الدولة لتشويه سمعة النائب الذي سبب إزعاجاً كبيراً للحكومة بينما أجرى تحقيقا مساء أول من أمس، مع النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» للتحقيق في الشكوى المقدمة ضده من وزيرة التضامن الاجتماعي، تتهمه فيها بتسريب مسودة قانون الجمعيات الأهلية للسفارات الأجنبية قبل عرضه على مجلس النواب.
استجاب عبد العال لطلب الوزيرة وحقق مع النائب، متجاهلاً حقيقة تداول العديد من الأخبار حول مسودة القانون، بالإضافة إلى عدم وصول مسودة القانون إلى المجلس قبل تقديم مذكرة الوزيرة، وهو ما يعني براءة النائب من الاتهام، لكن رئيس البرلمان أحال السادات على التحقيق ضمن تعمّد الانتقام من معارضيه، الأمر الذي دفع بالسادات إلى الاستقالة من رئاسة لجنة حقوق الإنسان قبل أسابيع من انتهاء دور الانعقاد الأول لمجلس النواب قبل ثلاثة شهور تقريباً.
وبرغم تلويح عبد العال باللجوء إلى القضاء للانتقام من معارضيه، كانت الواقعة الأبرز من نصيب السادات أيضاً الذي قام مساعده في البرلمان، خالد هيكل، بتوجيه عبارات سب وقذف إلى عبد العال عبر حسابه على موقع «فايسبوك»، ما دفع رئيس البرلمان إلى تقديم بلاغ ضده إلى النيابة التي ألقت القبض عليه، علماً بأن السادات سارع إلى الاعتذار لعبد العال وقبول استقالة مساعده، لكن رئيس المجلس أصدر قراراً بمنع باقي مساعدي السادات من دخول البرلمان في خطوة لم تحدث من قبل مع أي نائب برلماني. وبحسب مقربين منه، سيتنازل عبد العال عن البلاغ في وقت لاحق، بعدما وجه رسالة قوية لأي شخص يمكن أن يشتمه عبر أي منصة عامة.
وبرغم أن الدستور الحالي قد ألغى عبارة «سيد قراره» التي كانت تُطلق في السابق على البرلمان، يمكن القول إن عبد العال أعاد هذه العبارة، ولكن لتنطبق على شخصه، إذ إنه يعيد فعل ما كان يقوم به رئيس البرلمان الأسبق في ظل نظام حسني مبارك، أحمد فتحي سرور، في تمرير القوانين بالطريقة التي تريدها الحكومة، مستنداً إلى الأغلبية ومتغاضياً عن أمور عدة من بينها أساسيات وبديهيات دستورية.