عمليات عسكرية واسعة يعلن عنها مراراً في مناطق مختلفة على كامل الجغرافيا السورية، شملت مناطق إدلب وحلب وحمص. ويبدو من قراءة الحدث السوري مؤخراً، أن التنسيق والترابط في قيادة العمليات على جبهات متعددة، تعزّزا بشكل كبير لجهة التشبيك العسكري بين القوى المقاتلة. وهو انعكاس لمحاولات تلافي الثغر التي واجهت القوات السورية والحلفاء، خلال معاركهم مع المسلحين، في فترات سابقة.وتستمر استعدادات الجيش وحلفائه للعملية العسكرية «الكبرى» التي جرى الحديث عنها طويلاً خلال الأيام الماضية، في حلب، مع تواصل التمهيد الناري الكثيف، بهدف الضغط على مسلحي الأحياء الشرقية، وإشغالهم عبر «العمل المتوازي على الجبهة الشرقية مع التوسع العسكري غرباً لتحقيق الهدف المطلوب»، وفق ما أوضحت مصادر ميدانية. ولفتت المصادر إلى أن الدخول في عمق الأحياء الشرقية، من شأنه دفع المسلّحين نحو «الاستسلام» وتحقيق الإنجاز المرجوّ بتأمين كامل أنحاء حلب، إلى جانب استمرار العمل العسكري نحو الحدود الإدارية لمدينة إدلب. كذلك، استهدفت الغارات الجوية أمس تجمعات ونقاط انتشار المسلحين في قرى كفرناها وكفرداعل وخان العسل، في الريف الغربي لمدينة حلب. ورأت المصادر أن «الأجواء باتت إيجابية للقيام بعملية عسكرية واسعة، بعد انهزام المسلحين وانتهاء (ملحمتهم) بإخفاق مدوّي».
وفي سياق آخر، انتهت فترة الركود على الجبهات الشرقية والشمالية لمدينة حمص، لتشهد أجواؤها نشاطاً غير مسبوق لسلاح الجو السوري الذي استهدف مواقع المسلحين، أقصى الريف الشمالي. وبينما تركزت أهداف الغارات في مناطق تلبيسة والسعن الأسود والغنطو والرستن، تمكنت وحدات الرصد والكمائن من قتل عدد من المسلحين، عبر استهداف مقارهم وآلياتهم، باتجاه تلول الصوانة في ريف حمص الشرقي، إضافة إلى مواقعهم في الفرحانية وعين حسين الجنوبي، في الريف الشمالي.
خرجت معضمية الشام من جبهات العمل العسكري

وبالتوازي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت هجمات استهدفت مواقع لتنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في سوريا، بصواريخ «كروز» أطلقتها قاذفات استراتيجية من فوق البحر المتوسط. ونشرت الوزارة تسجيلاً يظهر قاذفة «توبوليف 95» ترافقها عدة مقاتلات وطائرات للتزود بالوقود، مشيرة إلى أن القاذفة انطلقت من قواعد روسية وانتقلت عبر بحر الشمال ثم المحيط الأطلسي وصولاً إلى البحر المتوسط. وأوضحت أن مقاتلات «سو 33» الموجودة على حاملة الطائرات «اميرال كوزنيتسوف»، الموجودة شرق المتوسط، شاركت في الهجمات إلى جانب المقاتلات من قاعدة حميميم، كذلك قامت مقاتلات «سو 30» بمهمات المراقبة الجوية خلال العملية.
وفي السياق، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن دهشتها من تصريحات واشنطن عن كون العملية العسكرية الروسية في حمص وإدلب بسوريا تتعارض مع القانون الدولي. وشددت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، على أن كافة الضربات على مواقع تنظيم «داعش» في ريفي إدلب وحمض تُنفّذ اعتماداً على معلومات استطلاعية دقيقة.
وفي مقابل ذلك، استهدف مسلحو تنظيم «داعش» بلدة جب الجراح وقرية أم السرج الجنوبي، في الريف الشرقي لمدينة حمص، عبر إطلاق عدة قذائف صاروخية، تسببت في أضرار مادية. كذلك أصيب شخص جراء سقوط 4 قذائف هاون أطلقت من حي الوعر الحمصي، وسقطت في قرية المزرعة.
ويشرح مصدر ميداني أن الاستعدادات جارية لتنفيذ حملة عسكرية كبيرة، لناحية العدة والعتاد، في أرياف حمص، مضيفاً أن «المرحلة الأولى من الحملة تمهيدية، ستكون باتجاه الشرق والشمال، وستطال آخر نقاط المسلحين ضمن الحدود الإدارية لمدينة حمص، الأمر الذي يضمن تموضعاً عسكرياً جديداً يناسب المرحلة الجديدة من التوسع العسكري وسط البلاد، ما يعني دفع المسلحين بشكل أكبر نحو الشمال والشرق». ويضيف أن «أبرز المحاور التي سيتم العمل عليها هو حقول النفط، كحقلي شاعر وجزل»، إلى جانب العمل لضمان توسيع رقعة الأمان حول ريف تدمر. وتأتي الحملة المذكورة استكمالاً للسيناريو الذي أعلن عنه، في سياق حملة عسكرية في إدلب وحمص، وقد تشكّل حاجزاً يحول دون استغلال تنظيم «داعش» للأجواء، بهدف شنّ هجوم جديد ومتكرر على هذه المواقع.
أما في ريف دمشق، فقد تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي «جيش الإسلام»، في محيط حوش الظواهري، في الغوطة الشرقية، وسط قصف مركّز بقذائف المدفعية الثقيلة على نقاط تمركز المسلحين وتحركاتهم في المنطقة. يأتي ذلك بالتوازي مع تقدم الجيش في منطقة خان الشيح، في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وسيطرته على مدرسة ومسجد سكيك، في ظل قصف مدفعي وصاروخي استهدف نقاط انتشار المسلحين. ويتواصل تقدم الجيش في الغوطة الغربية بالتوازي مع خروج معضمية الشام عن سيطرة المسلحين، وعودتها أمس إلى سيطرة الدولة السورية، بعد إتمام اتفاق المصالحة، وهو ما يعني تفرغ الجيش لقتال المسلحين في المناطق المجاورة.