على الرغم من كثافة الغارات الجوية التي استهدفت أحياء حلب الشرقية، بالتوازي مع استمرار الحملة الروسية لليوم الثاني، فوق أرياف إدلب وحمص، لم يحمل يوم أمس أي خرق جديد يشير بوضوح إلى طبيعة المعارك المقبلة التي يستمر الحديث عن تعزيزات تشهدها عدة جبهات في الشمال، تحضيراً لها.جبهات الأحياء الشرقية والريف الجنوبي الغربي لمدينة حلب، لم تشهد تغييرات على خرائط السيطرة، برغم المناوشات الخفيفة التي حصلت على عدة مواقع غرب المدينة. لكن اللافت أمس، كان حجم الاحتجاج الشعبي في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، حيث خرج مئات المواطنين المطالبين بتوزيع المؤن الغذائية المكدّسة في المستودعات ومحاسبة الفصائل المسؤولة عن احتكارها والاتجار بها.
وقد يكون محيط مدينة الباب هو الأنشط على المستوى العسكري، مع استعادة تنظيم «داعش» السيطرة على قرية قباسين شمال الباب، وتقدم «قوات سوريا الديموقراطية» في الريف الشمالي الشرقي على حساب التنظيم، وسيطرتها على عدد كبير من القرى.
وبينما تؤكد موسكو أن عملياتها الجوية خارج مدينة حلب فقط، دون أي نشاط لها فوق أحيائها الشرقية، فقد أعربت عن أسفها على لسان نائب وزير خارجيتها غينادي غاتيلوف، لعدم استغلال الأمم المتحدة الهدن الإنسانية في حلب، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لأحياء المدينة الشرقية وإجلاء الجرحى والمرضى من هناك. وذكرت وزارة الخارجية في بيان، تعقيباً على لقاء غاتيلوف، مع نائب المبعوث الأممي الخاص رمزي عز الدين رمزي، أن الجانبين «ناقشا سبل إحياء العملية السياسية، في ظل التوقف الطويل للمفاوضات السورية، وأُكِّد أهمية استئناف الحوار في أسرع وقت، والحفاظ على مؤسسات الدولة من البلاد، بهزيمة الإرهابيين والعودة إلى الحياة المدنية».
ومن المنتظر أن يحضر الوضع في حلب، مجدداً، على طاولة محادثات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الأميركي جون كيري، اليوم، على هامش قمة وزراء خارجية منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في العاصمة البيروفية، ليما، وفق ما أوضح نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف. ونقلت وكالة «تاس» عن ريابكوف قوله إن «الطلعات الجوية لقوات الجو ــ فضاء الروسية في سوريا، والمجموعة الجوية التابعة للبحرية الروسية تنفذ ضرباتها على الأهداف الموجودة خارج مدينة حلب، فيما الوضع في المدينة لا يزال كما هو دون أي تغييرات»، مشدداً على أن «الضربات الجوية الروسية ضد الإرهابيين دقيقة للغاية، وجراحية، ومتناسبة مع الخطر».
وفي ضوء التصريحات التركية المتتالية حول التحضير لدخول قوات «درع الفرات» إلى الباب، أشار الرئيس السوري بشار الأسد إلى أن بلاده ترى أنّ التدخل العسكري التركي في الشمال السوري هو «غزو»، مضيفاً خلال مقابلة مع التلفزيون البرتغالي، أن «من حقنا أن ندافع عن بلدنا ضد أي نوع من أنواع الغزو»، مضيفاً أن «كل إرهابي أتى إلى سوريا، أتى عبر تركيا وبدعم من (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، وبالتالي إن محاربة أولئك الإرهابيين، هي بمثابة محاربة جيش أردوغان، لا أقول الجيش التركي بل جيش أردوغان».
وحول التوقعات بعد انتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، أشار إلى أن «الإدارة الأميركية لا تتعلق بالرئيس وحده، بل تتعلق بقوى مختلفة داخل هذه الإدارة، مجموعات الضغط المختلفة التي ستؤثر في الرئيس، لذلك علينا أن ننتظر ونرى عندما يبدأ بمهمته الجديدة، معرباً عن تمنيه أن «تكون الولايات المتحدة غير منحازة، وتحترم القانون الدولي، ولا تتدخل في الدول الأخرى في العالم، وبالطبع أن تتوقف عن دعم الإرهابيين في سوريا». وأشار إلى استعداد بلاده للتنسيق في مكافحة الإرهاب مع دول العالم، وأوضح أن دمشق جاهزة للتنسيق مع أي جهة في هذا العالم دون شروط. هذا هو جوهر سياستنا، ليس اليوم وليس بالأمس، بل منذ سنوات سبقت الحرب على سوريا».
ويأتي الحديث عن الباب بالتوازي مع الإعلان الكردي ــ الأميركي عن انسحاب «وحدات حماية الشعب» من منبج إلى شرق الفرات. إذ أعلنت القيادة العامة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في بيان أمس، انسحاب قواتها من مدينة منبج، بعد وقت قصير من إعلان أميركي يؤكد انسحابها. وقال البيان إنه «بعد أن أكملت وحداتنا الموجودة في مدينة منبج وريفها مهماتها في التحرير والدفاع عن أهلنا، نعلن انسحاب قواتنا إلى شرق نهر الفرات للمشاركة في حملة (غضب الفرات) لتحرير الرقة، وهي واثقة بأن القوات التابعة لـ(مجلس منبج العسكري) قادرة على القيام بواجباتها الدفاعية على أكمل وجه».
وكان الممثل الخاص للرئيس الأميركي لدى «التحالف الدولي»، بريت ماكغورك، قد أعلن عبر حسابه على «تويتر» أنه «بعد الانتهاء من تدريب المقاتلين المحليين الذين أصبحوا جاهزين لتولي المهمات الأمنية، ستخرج وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وتتوجه نحو شرقي نهر الفرات».

(الأخبار، أ ف ب)