بالتزامن مع إرسال أنقرة لتعزيزات عسكرية إلى الحدود مع العراق، بدا الخطاب الرسمي التركي، أمس، أقلّ حدّة تجاه بغداد، وتخللته تصريحات واضحة بخصوص استمرار المفاوضات مع الحكومة العراقية بشأن معسكر بعشيقة، حيث توجد قوات تركية من دون موافقة واضحة من بغداد.وفي هذا الخصوص، رأى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أنّ معسكر بعشيقة في شمال العراق "خلق توتراً لا معنى له بين الدولتين، و(أنقرة) مستمرة في بذل المساعي الدبلوماسية لإزالة هذا التوتر". وأضاف، خلال مؤتمر صحافي عقب جولته في مدرسة وقاعدة عسكرية تركيتين في العاصمة القطرية الدوحة، أنّ وفداً تركياً "أجرى زيارة لبغداد الأسبوع الماضي للتباحث مع المسؤولين العراقيين حول كيفية إنهاء الأزمة، وننتظر قدوم وفد عراقي مماثل إلى أنقرة خلال الأيام المقبلة للغرض نفسه". وتعليقاً على تصريحات نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بشأن استعداد طهران للقيام بدور الوساطة بين أنقرة وبغداد لحل الأزمة بينهما، أوضح جاويش أوغلو أنّ تركيا "ترحّب بكافة الأدوار البنّاءة من أي دولة كانت".
وتأتي هذه التصريحات التركية بعدما دار حديث، خلال الساعات الأخيرة، ضمن أوساط قريبة من الحكومة العراقية، يفيد بأن اتفاقاً تم التوصل إليه بين الأميركيين والعراقيين، يقضي "بعدم دخول قوات الحشد الشعبي بفصائلها المعروفة إلى تلعفر، وإيكال المهمة إلى مقاتلين محليين من العرب والتركمان". وقال مصدر سياسي رفيع إنّ "الأميركيين تولّوا قضية الوجود العسكري التركي في بعشيقة، وقالوا لبغداد إنهم مارسوا ضغوطاً على الرئيس رجب طيب أردوغان للكفّ عن تصريحاته والتفاهم مع بغداد وحل مشكلة وجود قوات في بعشيقة ودّياً". وهي تأتي أيضاً عقب ما قيل عن مناورة أجراها مؤخراً حيدر العبادي (الذي حذر أنقرة مجدداً أمس من مغبة "اجتياح" شمال العراق)، تؤدي إلى "تطمين" تركيا بشأن هوية "قوات الحشد الشعبي" التي تعمل على استعادة قضاء تلعفر، وطبيعة انتشارها جغرافياً (الأخبار، عدد السبت).
من جهة أخرى، لم تخرج تصريحات وزير الدفاع التركي، فكري ايشيق، عن هذا الإطار. ففي معرض حديثه عن إرسال بلاده لقافلة عسكرية تضم حوالى ثلاثين آلية تنقل خصوصاً دبابات وقطع مدفعية إلى منطقة قريبة من الحدود العراقية، قال إنّه لا ينبغي لأحد أن ينتظر من تركيا أن تبقى متفرجة حيال حدوث تطور "من شأنه أن يجر المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار لفترة طويلة في المستقبل". ولفت إلى أنّ بلاده "تراقب عن كثب التطورات المتعلقة بالسكان (العراقيين) الذين تربطهم معها روابط تاريخية وثقافية"، مشدداً في الوقت نفسه على "ضرورة إجراء العملية العسكرية لتحرير الموصل في إطار وحدة الأراضي العراقية".
وأشار إيشيق إلى أن "تركيا لديها خطوط حمراء في العراق... هي بالأخص عدم تغيير التركيبة الديموغرافية للموصل، و(عدم) زيادة التهديدات الإرهابية ضدنا، وهذا موقفنا منذ البداية". ولفت إلى أنّ أنقرة تجري لقاءات وتعمل مع الحكومة العراقية ومع حكومة إقليم كردستان، للحيلولة دون حدوث تطورات "تتسبّب في تهجير السكان المحليين من مناطقهم، لتغيير التركيبة الديموغرافية".
(الأخبار)