يبدو أن الهدنة التي أُعلنت في اليمن لمدة 72 ساعة وُلدت ميتة، إذ أعلن التحالف السعودي ليلاً أنه «ليس هناك وقف إطلاق نار في اليمن»، ما فُسّر بكونه إعلان انهيار الهدنة بعد أقل من 24 ساعة على دخولها حيّز التنفيذ. إلا أن المتحدث باسم التحالف السعودي أحمد عسيري، أكد في الوقت عينه الالتزام بالهدنة طيلة الـ72 ساعة المقررة لها والقابلة للتمديد. وقد شهدت الساعات الأولى من إعلان وقف إطلاق النار، الذي اقترحته الرياض أولاً، خروقاً عدة جوّاً وبرّاً، واتهامات متبادلة من طرفي الصراع بتسجيل انتهاكات.
قتلت غارة جوية على صعدة ثلاثة أشخاص
وبعكس هدنة 10 نيسان الماضي التي سقطت رسمياً بعد أسابيع من إعلانها، بدا وقف إطلاق النار هذه المرة هشاً منذ البداية، ومعرّضاً للسقوط في أي لحظة، ما وضع على الفور حدّاً للآمال التي عُلقّت عليه، ليمثل انطلاقة نحو استئناف المسار السياسي.
ودخلت الهدنة التي أبدى التحالف السعودي استعداده لإرسائها بعد الضغوط الغربية إثر «مجزرة الصالة الكبرى» في صنعاء، ثم تبنّتها حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، حيّز التنفيذ منتصف ليل الأربعاء ــ الخميس. وقد توسطت الأمم المتحدة لإرسائها على أن يتم تمديدها في حال صمدت، ما عزز الآمال بإمكانية إنهاء الحرب بعد سنة وسبعة أشهر على اندلاعها. ومن المقرر أن يعقب الهدنة إعلان المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ دعوة طرفي النزاع للالتئام مجدداً على طاولة المشاورات.
وقبل إعلان عسيري ليلاً، تحدث التحالف السعودي عن وقوع أكثر من 43 حالة خرق للهدنة ظهر أمس، مؤكداً استمرارها على الرغم من ذلك. إلا أن عسيري حذّر في حينه من اتخاذ «الإجراء المناسب لردع الخروقات إذا تطورت». وأضاف «نأخذ علماً بهذه الخروقات، وسيتم توثيقها وإبلاغ الجهات المعنية بها، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وسنستمر في مراقبة الوضع، وإذا تطورت فسنتخذ الإجراء المناسب لردعها». وتزامنت هذه التصريحات مع إعلان وسائل إعلام سعودية عن صواريخ انطلقت من اليمن إلى مناطق في جيزان، أدت إلى مقتل مدنيين اثنين. وتلى هذه الأنباء إعلان «التحالف» ليلاً عن صدّ دفاعاته الجوية صاروخاً باليستياً «أطلقته الميليشيات على مأرب».
وفيما ساد هدوء نسبي أجواء صنعاء بعد بدء سريان الهدنة، قالت مصادر ميدانية إن طائرات «التحالف» شنّت غارة جوية على محافظة صعدة، أدّت إلى مقتل ثلاثة أشخاص في منطقة باقم.
في هذا الوقت، واصلت القوات السعودية وتلك اليمنية الموالية لها هجماتها البرّية، من دون أخذ الهدنة بعين الاعتبار، إذ فشل يوم أمس هجوم للجيش السعودي على منطقة قلل الشيباني قبالة منفذ علب الحدودي. كذلك حاولت القوات الموالية لهادي التقدم باتجاه الساحل الغربي لمدينة ميدي (شمالي غربي اليمن) تحت غطاء جوي مكثف، وذلك منذ ما قبل سريان الهدنة. وشهدت محافظة الجوف هجوماً لقوات هادي باتجاه منطقة وقز في مديرية المصلوب. أما القصف المدفعي، فلم ينقطع في بعض المناطق، مثل مديرية صرواح التي استُهدف فيها منزلٌ بقذائف مدفعية من قبل المجموعات المسلحة الموالية لـ«التحالف». على صعيد متصل، هاجم مقاتلون من «القاعدة» نقطة تفتيش تابعة للقوات الموالية لهادي في مدينة زنجبار في محافظة أبين، ما أدى إلى مقتل خمسة جنود وإصابة آخرين.
(الأخبار)