مع مرور الربع الثالث على العام الأول من مشروع ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لنقل الاقتصاد السعودي إلى "مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط"، تشهد القطاعات غير النفطية في المملكة أول ركود لها منذ عام 2009. ويشير هذا الواقع إلى نتائج عكسية لسياسات بن سلمان، إلى جانب أنّ النمو الهامشي الذي ستحققه المملكة في 2016 لن يكون عملياً إلا نتيجة رفعها لانتاج النفط الخام.
تشير المعطيات إلى أن العام الأول من تطبيق خطة بن سلمان سيشهد ركوداً
وتزداد الشكوك حول فعالية مشروع محمد بن سلمان لنقل الاقتصاد السعودي إلى مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط في ظل سياسات التقشف التي بدأت المملكة بتنفيذها، والتي من شأنها خفض الإنفاق بنسبة 71% خلال 2016، الأمر الذي من شأنه، بحسب موقع «Bloomberg»، أن يُدخل الاقتصاد غير النفطي في السعودية في مرحلة ركود لأول مرة منذ عام 2009، مع توقعات بأن يبطّئ النمو من 3.4 العام الماضي إلى 0.6 لعام 2016، بحسب «HSBC Holdings PLC».
ومن المتوقع أن تنخفض النفقات الرأسمالية خلال العام الجاري، على أثر سياسات التقشف، من 263 مليار ريال (2015) إلى 75.8 مليار ريال خلال 2016، علماً أنها كانت قد وصلت خلال 2014 إلى 370 مليار ريال. وتتوقع الحكومة السعودية أن تخفض هذه السياسات العجز في الميزانية من 15% العام الماضي إلى 13.5% في 2016، لكن لا بد أن يكون ثمن ذلك تباطؤاً اقتصاديا شديدا بسبب انخفاض الاستهلاك.
وخفضت الحكومة العلاوات وألغت المكافآت للموظفين الحكوميين، كما حسمت 20% من رواتب الوزراء، كما تناقش مصير مشاريع تساوي حوالى 20 مليار دولار، إذ يقول مختصون إنه على الأغلب سيجري إلغاؤها.
وتشير المعطيات إلى أن العام الأول من تطبيق خطة محمد بن سلمان لنقل الاقتصاد إلى مرحلة ما بعد الاعتماد على النفط، سيشهد ركوداً في الاقتصاد غير النفطي للمملكة، الذي كان قبل ذلك في مرحلة صعود أوصلته العام الماضي إلى 55% من الناتج الإجمالي المحلي، ما يعني أن النمو المحقق هذا العام سيكون نتيجة الانتاج القياسي للنفط الخام. وجدير بالذكر أن النمو الكبير الذي شهده الاقتصاد غير النفطي في السابق، كان نتيجة الإنفاق العام، الذي اعتمد على عائدات تصدير النفط والغاز، في مشاريع البنى التحتية وخلق وظائف للمواطنين السعوديين.
ويشير موقع «Bloomberg» إلى أن هذا ما جعل الخفض في النفقات أكثر خطورة، إذ إنه رافق التباطؤ في نمو الاقتصاد غير النفطي في الربع الثاني من العام إلى 0.4% بعد انكماشه في الأشهر الثلاثة الماضية، غياب النمو تماماً عن القطاع الخاص. وتقول كبيرة الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري، مونيكا مالك، «لا نرى نمواً في أي قطاع غير نفطي هذا العام، إثر الخفض في الإنفاق الحكومي والإصلاحات المالية».
في ظل ما سبق، أعلنت السعودية أنها ستعقد اجتماعات للمستثمرين في لندن، ولوس أنجليس، وبوسطن، ونيويورك. كما أنها تعاقدت مع كل من « Citigroup Inc» و«HSBC Holdings Plc»، و« JPMorgan Chase & Co»، إضافةً إلى 7 مديرين من اليابان، والصين، وألمانيا، وفرنسا، لتنظيم عملية بيع سندات مستحقة بعد 5 أعوام، و10 أعوام، و30 عاماً، لن تقل قيمتها عن 10 مليارات الدولارات.
وتبيع السعودية سندات محلية منذ عام لتمويل العجز في الميزانية، وقد تضاعف الدين، إثر ذلك، حوالى 6 مرات منذ عام 2014، ليصبح 273.8 مليار ريال. ومن المتوقع أن يرتفع الدين العام السعودي إلى 30% من الانتاج الاقتصادي بحلول عام 2020.