إلى ما قبل أيام، لم تكن دعوات التظاهر في يوم 11 تشرين الثاني المقبل ضد غلاء الأسعار والبطالة والقرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة المصرية، تحظى بأي حديث في الدوائر الرسمية، وخاصة أن البعض اتهم بها «جماعة الإخوان المسلمين»، في ظل توافر «غطاء للقمع الأمني» لها.لكن الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء وفق مصادر مطلعة، شهد طلباً من رئيس الحكومة شريف إسماعيل، وجهه إلى وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، وفيه إعداد تقرير مفصل عن التظاهرات التي بدأ بعض المدوّنين الحديث عنها وعن رغبتهم في إسقاط نظام الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة قبل نحو 18 شهراً من الموعد المحدد في أيار 2018.
إسماعيل: ضرورة «تجنب الصدام مع الشباب أو منظمات حقوق الإنسان»

إسماعيل طلب التقرير الأمني بعدما وصلته أخبار الدعوة إلى التظاهر عبر التقرير اليومي الذي يطّلع عليه، علماً بأن التقرير الأمني الذي طلبه يفترض أن يقدمه عبد الغفار الأسبوع الجاري، ويتضمن معلومات تفصيلية عن التظاهرات والداعين إليها بالإضافة إلى كيفية التعامل معها مبكراً.
الأهم من ذلك، هو طلب منع التجمعات في العاصمة أو أي مدينة كبرى، فضلاً عن طلب مقترحات للتعامل مع الداعين من غير المنتمين إلى أي تيارات سياسية. كذلك نقلت المصادر أن رئيس الحكومة أكد ضرورة «تجنب الصدام مع الشباب أو منظمات حقوق الإنسان»، وخاصة أن القاهرة ترغب في تمرير قانون «تنظيم عمل الجمعيات الأهلية»، وليس لديها قدرة على مواجهة انتقادات جديدة في ملف حقوق الإنسان خارجياً، وهو ما وعد وزير الداخلية بتحقيقه عبر تحركات استباقية لرصد أي جهات قد تستغل الفرصة لمحاولة مهاجمة أقسام الشرطة مقابل تقدير حجم التفاعل الإلكتروني مع التظاهرات.
لكنّ إسماعيل، تضيف المصادر نفسها، عبّر عن غضبه من عدم تلقي تقرير مسبق من عبد الغفار عن هذه القضية، وهو ما فسّره الأخير برؤيته إلى أن هذه التظاهرات والداعين إليها «غير مهمّين». كما قال الوزير إنها «لن تتجاوز التدوينات لعدد محدود من الأفراد جرى رصد حساباتهم وتبيّن أن غالبيتهم يقيمون في تركيا وقطر»، وهو التفسير الذي رفضه رئيس الحكومة، وخاصة أن «هناك مواطنين في الشارع يتحدثون عن هذا الأمر... هذا تحول كبير كان يجب أن يعرفه إسماعيل من الداخلية لا من سكرتيرة مكتبه».
برغم هذا التفصيل، وجّه عبد الغفار مساعديه إلى ضرورة التعامل بحزم في هذا الملف مع تجهيز حالة استنفار أمني وزيادة تأمين مواكب الشخصيات العامة وكذلك تشديد الإجراءات في المطارات، فضلاً عن «ضرورة الوصول إلى مطلقي دعوات التظاهر وتحديد هوياتهم، لكن مع انتظار قرار شخصي منه بالقبض عليهم وتوجيه اتهامات إليهم بالسعي إلى قلب نظام الحكم أو الاكتفاء بعملية المراقبة فحسب»، وفق المصادر المطلعة.
وبرغم أنه ما من توجيهات مباشرة لوسائل الإعلام بعدم الحديث عن هذه التظاهرات، على غرار ما حدث خلال مناهضة توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، فإن بعض المنابر المحسوبة على النظام أطلقت حملات عن وقوف «الإخوان» وراء «التحريض الحالي». واللافت أن أيّاً من الأحزاب السياسية حتى المعارضة لم تعلن أي موقف تجاه التظاهرات، وهو موقف أعضاء البرلمان الذين تلقى عدد منهم أوامر مشابهة للإعلام.
ولا تبدو حتى الآن أن هذه التظاهرات سيكون لها تأثير في سلوك النظام وصناع القرار داخله، إلا لو حدثت تحولات جوهرية على مدار الشهر الباقي. فالحكومة التي سترفع أسعار المحروقات وتحرّر سعر الصرف جزئياً قد تؤجل هذه القرارات حتى يمر تاريخ الدعوة إلى التظاهرات تجنباً لحشد عدد كبير.