برغم معرفة إسرائيل أن لا حركة «حماس» ولا أي فصيل من فصائل المقاومة على علاقة بالصواريخ التي سقطت في مناطق مفتوحة فجر أمس، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم عدة أهداف في غزة بصورة قاسية من حيث الصواريخ المستخدمة، ولكن وفق القاعدة التي تعاطى بها قبل أيام مع «صاروخ إسدود»، أي من دون نية تحقيق إصابات بين الفلسطينيين. وهو قد وضع القصف أمس ضمن إطار الرد على الصواريخ، مع أن هذا لا يلغي بحال حرص إسرائيل على عدم فتح الجبهة الجنوبية أمام معركة مفتوحة تعود فيها الصواريخ إلى التساقط في عمق الأراضي المحتلة، وخاصة أن هذا السيناريو يتعارض مع الرؤية السياسية والأمنية التي تتبناها حكومة بنيامين نتنياهو، وتحديداً في هذه المرحلة.
وفي محاولة منه لرفع مستوى القلق لدى قيادة «حماس» وزيادة مستوى الضغط على الشارع الفلسطيني، قرن وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، اعتداءات سلاح الجو بالتهديد برد عنيف في حال تواصل إطلاق الصواريخ، وهو سيناريو مطروح بقوة على اعتبار أن المواجهة ما بين «حماس» ومجموعات سلفية في غزة ذاهبة إلى تصعيد.
وأضاف يعلون أن «من يقف خلف عملية إطلاق الصواريخ مجموعات جهادية تحاول تحدي حماس عبر استهداف إسرائيل»، ولكنه حمَّل الحركة مسؤولية ما يحدث في القطاع، وهدد بـ«رد عنيف إذا ما تواصل إطلاق الصواريخ».

وفي محاولة لفرض معادلة تقوم على أساس تحمّل «حماس» مسؤولية كل ما ينطلق من غزة باتجاه إسرائيل أيا كانت ظروفه، أضاف الوزير: «لن نحتمل محاولات المس بمواطنينا، وأقترح عدم اختبار صبر إسرائيل على هذا الإرهاب»، مشددا في الوقت نفسه على رفض العودة إلى سياسة «تنقيط الصواريخ»، كما لفت إلى أن الجيش «رد على عمليات الإطلاق، وإذا ما تطلب منا فسنضرب بقوة أكبر... الصيف الماضي أثبت ذلك»، موضحا أن «إسرائيل تعمل بتصميم، ومسؤولية ورجاحة رأي، من أجل ضمان أمن سكان الجنوب ومواطنيها».
وأفادت مصادر إعلامية فلسطينية وإسرائيلية عن قصف الجيش الإسرائيلي عدة أهداف في القطاع، هي موقع «الخيالة» التابع لكتائب القسام غرب غزة، وموقع «عبيدة» جنوب المدينة، وكذلك موقع «حطين» جنوبي القطاع، وذلك بذريعة الرد على إطلاق صواريخ باتجاه مستوطنات «نتيفوت» و«عسقلان» و«سدوت نيغيف» التي دوت فيها صفارات الإنذار.
من جهة أخرى، لم يفوِّت رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، افيغدور ليبرمان، الفرصة لتسجيل النقاط على نتنياهو وحكومته، مستغلا حادثة سقوط الصواريخ ورد سلاح الجو، بالقول إن «السياسة التي يقودها رئيس الحكومة من ضبط النفس والاحتواء وفقدان الرغبة الكاملة بتقويض حكم حماس تقود إلى جعل سكان الجنوب، ولاحقاً جميع سكان إسرائيل، يعودون ليكونوا رهائن للمقاتلين في غزة». وأضاف ليبرمان أنه ينبغي لـ«إسرائيل» الرد بقوة، لا مجرد «الرد الكلامي أو قصف المناطق الرملية الخالية».
في السياق، تناول موقع «واللا» الإخباري العبري، عملية إطلاق الصواريخ وهجمات سلاح الجو الإسرائيلي، قائلا إن المواقف التي أطلقت في إسرائيل وترى أنّ «حماس» مسؤولة عن عمليات الصواريخ «فارغة من المضمون، ليس لأن حماس ليست مسؤولة عن الإطلاق فقط، بل لأن حكومة إسرائيل معنية بالحفاظ على حكم التنظيم في القطاع». ولفت الموقع إلى أن الرد الإسرائيلي استهدف مناطق فارغة، وكما هو متوقع من دون سقوط إصابات. وأضاف: «حماس تدرك ماهية هذا السلوك، إذ تسقط الصواريخ على إسرائيل فيخلي التنظيم مواقعه وتقصف إسرائيل مواقع خالية، ثم تعود الحياة إلى طبيعتها لغاية العرس المقبل».
وتبنت جماعة تطلق على نفسها اسم «سرية الشيخ عمر حديد»، عملية إطلاق الصواريخ، إذ نشرت بيانا على «تويتر»، أعلنت فيه مسؤوليتها، لافتة في الوقت نفسه إلى أن هذا العمل انتقام من «حماس» بعد تصفية الحركة أحد أنصار «داعش» (يونس حنر) في تبادل لإطلاق النار في غزة، قبل يومين، وبثت فيديو لعملية إعداد الصاروخ قائلة إنها اضطرت لإخفاء عملية الإطلاق «لأسباب أمنية». يأتي هذا بعد بيان ــ بعنوان «أسدود البداية والقادم أدهى وأمر» ــ حذرت فيه المجموعة، «حماس»، من مواصلة الحملة ضدها، مطالبة إياها بالإفراج عن معتقلين سلفيين خلال 24 ساعة، فيما يبدو أن أسلوب هذه الجماعات سينتقل من المواجهة المباشرة مع الحركة أو تفجير بعض العبوات بجانب المقار الأمنية، إلى جر إسرائيل لمعركة في غزة تتأذى فيها «حماس».
إلى ذلك، أعلن رئيس هيئات الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، أنه سيزورُ إسرائيل، للاجتماع مع موشيه يعالون، ورئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال غادي آيزنكوت. وأشارَ ديمبسي إلى أن هدف الاجتماع هو «تعزيز التعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة، والتباحث في آخر التطورات في سوريا، ولبنان، وغزة».