الجزائر | انتقل اهتمام متابعي التطورات القائمة في ليبيا إلى العاصمة الجزائرية أمس، بسبب بدء انعقاد جلسات جديدة من الحوار الليبي ــ الليبي، التي يطالب المبعوث الدولي، برناردينو ليون، بأن تكون الأخيرة، ما يمكن أن يضفي على هذه الجولة عنوان «المنعرج».
وأكد ليون، في افتتاح جلسة الحوار بين الفرقاء الليبيين، أنّ الوضع الحالي لا يستدعي المزيد من الانتظار وتنظيم ندوات أخرى للحوار، داعياً إلى تقديم تنازلات من شأنها خدمة مصلحة الجميع وبعث الاستقرار في المنطقة. وتابع قائلاً إنه «حان الوقت لاتخاذ قرارات، لأن ليبيا تمر بمرحلة حاسمة».
وكشف ليون ــ دون قصد ربما ــ عن أهم إشكالية تعرقل تقدّم الحوار والوصول إلى اتفاق ينظر إليه البعض على أنه قد ينهي النزاع الحاصل في البلاد، حين قال إنّ «فجر ليبيا» ليست تنظيماً ارهابياً مثل ما يعتقد البعض، بل هي طرف فاعل في الميدان في مجال مكافحة تمدد تنظيم «داعش». ودعا حكومة طبرق التي يقودها عبدالله الثني (معترف بها دولياً) إلى التخلي عن ذلك الاعتقاد. وطالب بأن تكون هذه الجولة هي الأخيرة في مسار الحوار، مضيفاً: «لا نريد مزيداً من النقاش والتفاوض. نريد اتفاقاً نهائياً لإنقاذ ليبيا من تنظيم الدولة الإسلامية».

حزب «العدالة والبناء»:
إذا كانت التعديلات مرضية
فسنصل إلى اتفاق

لكن حديث ليون يأتي بعد يومين من إعلانه، خلال منتدى عالمي أميركي إسلامي في الدوحة في قطر، أن «لا حل عسكرياً» في هذا البلد حيث الفصائل الكثيرة المنتشرة فيه «قوية بما يكفي للدخول في الحرب، لكنها أضعف من أن تتمكن من الانتصار فيها».
وفي وقت كان الوزير الجزائري للشؤون المغاربية، عبد القادر مساهل، قد صرّح فيه بأن المشاركة في الجولة الثالثة من الحوار الليبي في الجزائر «ستكون أكثر فاعلية لأن شخصيات ليبية جديدة مؤثرة على الأرض» ستحضره، تغيّب، أمس، القيادي الإسلامي البارز، عبد الحكيم بلحاج، فيما حضر عضو من المكتب السياسي لحزبه (حزب الوطن). وحضر، كذلك، ناشطون من حزب «العدالة والبناء» (حزب الإخوان المسلمين في ليبيا) وممثلون عن «حزب التغيير» وأعضاء من «حكومة الإنقاذ الوطني» والمؤتمر الوطني العام (غير المعترف بهما دولياً)، إضافة إلى نواب من البرلمان الليبي وناشطين وسياسيين وإعلاميين ليبيين.
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال القيادي في «حزب الوطن»، جمال عاشور درويش، إن تنظيم «داعش» تقدّم كثيراً في ليبيا وبإمكانه التمدد في جميع أرجاء الوطن في غضون عام فقط، مع ما يعني ذلك من نقل مباشر للمخاطر إلى دول الجوار. وأضاف أنّ الخطر في ليبيا يعرف تسارعاً غير مسبوق، معتبراً أن السبيل الوحيد لصده يتمثل في تضافر الجهود. وقال: «إن لم تتوصل الأطراف المجتمعة إلى اتفاق، فذلك يعني أنها لا تضحي بمصلحة ليبيا فقط، بل بمصلحة كل دول الجوار».
وبرغم ما يبدو من صعوبة للتوصل إلى اتفاق، إلا أنّ نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق، عبد الحفيظ غوقة، توقع في حديث صحافي التوصل إلى توافق حول حكومة وحدة وطنية قبل منتصف شهر حزيران الحالي. وقال: «نحن متفائلون... هذه الجولة من الحوار ستكون حاسمة، وستكون نهائية سواء بالنسبة إلى الأطراف السياسية في الجزائر، أو الأطراف المشاركة في مسار الصخيرات»، في إشارة إلى مفاوضات كانت قائمة في المغرب. وأكد أن «مسودة الاتفاق السياسي التي ستعرض خلال هذه الجولة من الحوار لن تكون قابلة للأخذ والرد كسابقتها، لكونها أخذت في الاعتبار مواقف كل الأطراف».
وفي السياق، قال رئيس حزب «العدالة والبناء»، محمد صوان، إن المبعوث الدولي «تعهد سابقاً بأن مسودة الاتفاق السياسي ستشهد تعديلات، وإذا كانت هذه التعديلات مرضية لطرف المؤتمر الوطني الليبي، والطرف الداعم له فمعنى ذلك سنصل إلى اتفاق سياسي عام».
من جهة أخرى، يعرب الباحث الجزائري، علي زاوي، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأنّ الحوار سيفشل على اعتبار أنّ الحل يمرّ أيضاً عبر القبائل الليبية.
وتجري جلسات الحوار الليبية في وقت نقلت فيه وكالة «الأناضول» عن مصدر أمني جزائري حديثه عن استنفار قيادة الجيش لقواتها المتمركزة عند الحدود مع ليبيا. وقال المصدر إنّ «رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، وقع على أمر استنفار كل من القوات البرية، ووحدات الدرك الوطني، والقوات الخاصة، والقوات الجوية، المتمركزة هناك».