ربما يوضح ما قالته مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن سمانثا باور عن الإتفاق الروسي ـ الأميركي الكثير من الإلتباس بشأن التعاون البلدين في سوريا. لخّصت باور الإتفاق الذي بقي سرياً، والذي تريد روسيا إعلانه وتكريسه في قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي:«الولايات المتحدة وروسيا إتفقتا على سلسلة من الخطوات الرامية إلى تخفيف العنف وتلطيف معاناة الشعب السوري. كما ترمي إلى إيجاد مناخ يفضي إلى عملية إنتقالية سياسية، وهو السبيل الوحيد إلى إنهاء هذا الصراع الفظيع. هذه الإتفاقية ليست مبنية على الثقة والوعود. إنها إتفاقية مبنية على الأفعال المتبادلة بما في ذلك وقف الهجمات والسماح بإيصال المعونات».
وأضافت «لذا نتطلع إلى روسيا لكي تفي بالتزاماتها بتوظيف نفوذها ووقف نظام (الرئيس بشار) الأسد من إستخدام أساليبه البربرية التي لطالما لجأ إليها في هذا النزاع. وهذا يعني وقف البراميل المتفجرة ووقف الهجمات بالأسلحة الكيميائية، ووقف الهجمات من دون تمييز على الأماكن المأهولة بالمدنيين، ووقف التجويع، واتباع أسلوب إما تقصفون أو تستسلمون كما فعل على إمتداد الأزمة».
وشرحت كيفية التطبيق فقالت، «هذه الخطة تبدأ على مستوى البلاد بوقف الأعمال العدائية وتستثني جبهة النصرة والدولة الإسلامية. ونحن نحث كل الأطراف ـ النظام والمعارضة ـ على الإلتزام بوقف القتال وبوقف الغارات الجوية ووقف محاولات كسب المزيد من الأراضي». بعبارة أخرى تحييد الطرفين قبل التدخل المباشر من روسيا والولايات المتحدة كبديل.
باور قالت إن هبوط منسوب القتال الأولي مشجع، لكن العنف لم يتوقف بصورة كاملة. وإن المضي نحو حل سياسي سيتوقف على إلتزام كل الأطراف بوقف النار وباستخدام كل الحكومات ذات الصلة نفوذها من أجل تعزيز الهدوء المستدام.
وشددت على أنّ وقف الأعمال العدائية يمثّل جزءاً من الإتفاقية. والجزء الثاني هو تدفق المعونات. وأوضحت «هذا يجب أن يكون مباشراً. لكن نظام الأسد إستخدم جملة من الأساليب لتعطيل إيصال المعونات. وتشمل اللجوء إلى سحب المعدات الطبية من القوافل وحجب التصاريح عن وصول المعونات إلى أماكن محددة. وكانت النتيجة كما تعلمون حجب المعونات عن الشعب».
وأضافت محذرة من أن على تلك الهجمات أن تتوقف. وشددت «يجب أن تصل القوافل إلى نحو ٦٠٠ ألف سوري يقيمون في مناطق محاصرة، حيث السكان يعتمدون بصورة شبه كاملة على المعونات للبقاء أحياء. ليس خلال أسابيع أو أشهر، لكن يجب أن تنطلق القوافل اليوم. وهذا يعني أن على دمشق أن تمنحها الموافقات النهائية السريعة وتزودها برسائل التوصية للمساعدة لكي تبلغ الأماكن المحاصرة أو التي يصعب الوصول إليها. وهذا يعني أيضا أن على المعارضة أن تقدم تطمينات بأن المساعدات لن تتعرض للعرقلة في الأماكن التي يسيطرون عليها».
باور إشترطت الإنتقال إلى إقامة مركز روسي ـ أميركي مشترك لمحاربة «النصرة» و«داعش» فقط بعد إيصال المساعدات لفترة ثابتة وبعد تخفيف العنف.
وقالت إن التنظيمين الإرهابيين «يمثّلان تهديدا لأمننا الجماعي، وعقيدتهما السامة لا تنسجم مع المعارضة المعتدلة ولا مع تطلعات الشعب السوري».
وطالبت بأن تنأى الاطراف الأخرى بنفسها عن تلك التنظيمات الإرهابية من دون أن تحدد عواقب عدم النأي.
لكنها نبهت إلى أن إستهداف التنظيمين «يجب ألّا يمنح نظام الأسد الذريعة لشن هجمات عشوائية ويمارس الحصارات بما يزيد من معاناة الأبرياء ويزيد من قدرة التنظيمات المتطرفة على التجنيد».
وأوضحت أن الولايات المتحدة في مفاوضاتها مع روسيا شددت على تحقيق هدفين بالتزامن والتوازي: «يجب تكثيف جهودنا ضد الإرهابيين، وفي الوقت نفسه على روسيا أن تؤكد أن قوات الأسد لن تمضي في قصف أي أماكن تسيطر عليها النصرة بما يعني أن النظام لن يستخدم ذريعة أنه يستهدف النصرة لمطاردة شعبه»، بحسب تعبيرها.
وللتأكيد أكثر، أضافت أنه لكي ينشأ المركز المشترك ويباشر عمله ضد أهداف تابعة للمجموعات الإرهابية «لا بد لطائرات النظام من التوقف في الوقت نفسه عن التحليق في طلعات هجومية فوق شرق حلب وضواحي دمشق واللاذقية وإدلب ودرعا وأي أماكن تنتشر فيها جبهة النصرة أو سواها».
باور وفي موقف مخالف لما قالته وزارة الخارجية الروسية، قالت إن موسكو وافقت على لجم حركة الجيش السوري «ومن المهم الإشارة إلى أن روسيا وافقت على ذلك، فضلا عن الموافقة على دور المركز المشترك في مراقبة إلتزام النظام السوري. وهذا ساهم على نحو كبير في قبولنا لهذه الصفقة».
وختمت بالتشكيك في نيات النظام السوري الذي «يتحايل على قرارات مجلس الأمن الدولي».