رغم التصريحات الروسية التي أدلى بها نائب وزير الخارجية من طهران حول قرب التوصل إلى إنجاز اتفاق «مهم جداً» حول الوضع في مدينة حلب، وبدء الاجتماعات ليل أول من أمس في جنيف، بين خبراء من الجانبين الأميركي والروسي، لم يعكس اتصال وزيري الخارجية الأميركي والروسي أمس جوّاً من التفاهم حول آلية تصنيف الفصائل المسلحة التي ستنضوي تحت سقف «الهدنة» التي يجري الحديث عنها، في حال إقرارها. مشكلة فصل «المعتدلين عن الإرهابيين» سوف تزداد تعقيداً في ظل الجبهة الجديدة التي اشتعلت في ريف حماة الشمالي، ولا سيما في ظل الوجود القوي لفصائل كـ«جند الأقصى» و«أجناد القوقاز» كمكون أساسي في الهجوم، لتضاف إلى جبهة ريف حلب الجنوبي، التي تشكل «فتح الشام» (النصرة سابقاً) عمادها الرئيسي. عملية الفصل كانت الحاضر الأبرز في الاتصال بين الوزيرين جون كيري وسيرغي لافروف، إذ أكد الأخير، وفق بيان لوزارة الخارجية الروسية، ضرورة «الفصل بين فصائل المعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة، والإرهابيين الذين يستخدمون المعارضين كدروع، ويواصلون هجماتهم وجرائمهم في المناطق التي استولوا عليها». وكان لافروف قد جدد، في كلمة ألقاها أمام طلاب معهد موسكو للعلاقات الدولية، إصرار بلاده على «إطلاق حوار سياسي حقيقي في سوريا في أقرب وقت»، موضحاً أنه «تم تفويض الأمم المتحدة بإطلاق هذا الحوار، لكنها حتى الآن لا تتسرع في هذا الاتجاه».
لافروف: الأمم المتحدة تتمهّل في استئناف المباحثات رغم تفويضها
وبالتوازي، أعلن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أن مسؤولين عسكريين وأمنيين ودبلوماسيين من الولايات المتحدة وروسيا استأنفوا المحادثات في جنيف مساء الأربعاء، في مسعى لإعطاء «قوة دفع جديدة لوقف الأعمال القتالية». وأوضح خلال حديث إلى الصحافيين في جنيف أن «المباحثات الجارية على مستوى رفيع للغاية... تتجاوز بدرجة كبيرة هدنة الثماني والأربعين ساعة (في حلب)»، معرباً عن أمله بأن تصل «المفاوضات التي استمرت فترة طويلة جداً إلى نتيجة، في ظل وجود وقت قصير». من جهة أخرى، أعلن دي ميستورا عن «إعداد مبادرة سياسية مهمة» من شأنها أن «تساعد الجمعية العامة على النظر بشكل أوضح إلى المشاكل السورية»، موضحاً أنه سيتم بحث تفاصيلها في الأسبوع الذي يسبق انعقاد الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. ولفت إلى أنه تم تحديد الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر، موعداً لعقد «اجتماع رفيع المستوى بشأن سوريا».
على صعيد آخر، انتقد المبعوث الأممي ما وصفه بـ«استراتيجية الإخلاء» التي حصلت في داريا، معرباً عن تخوّفه من أن «هناك استراتيجية واضحة لتطبيق ما حدث في داريا في الوعر ومعضمية الشام». من جانبه، قال مستشار دي ميستورا للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، إن «الأمل لا يزال قائماً» في التوصل إلى هدنة منتظمة مدتها 48 ساعة في مدينة حلب «للسماح بتوصيل المساعدات وإجلاء الحالات التي تستلزم رعاية طبية»، مشيراً إلى أن الضغوط من جانب دول من بينها إيران والسعودية وتركيا هي فقط التي تستطيع أن تفتح الباب أمام تسليم مزيد من المساعدات.
إلى ذلك، كشفت عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة هند قبوات، أن «الهيئة» تعتزم الكشف عن خططها للانتقال السياسي خلال اجتماع لوزراء خارجية عدد من البلدان المعنية بالشأن السوري، في لندن الأسبوع المقبل. ونقلت وكالة «رويترز» عن قبوات قولها إن الخطة تشمل تشكيل «هيئة حكم انتقالي لها سلطات تنفيذية كاملة»، إضافة إلى تفاصيل عن «مدة الفترة الانتقالية» و«آلية تضمن التمثيل العادل للأقليات» وخططاً لـ«إعادة تشكيل وإصلاح المؤسسات الحكومية». وأوضحت أن «الهيئة» ستضغط على وزراء الخارجية في لندن لاتخاذ «الخطوات المطلوبة لاستعادة العملية الدبلوماسية ومحاسبة حكومة (الرئيس السوري بشار) الأسد على استخدام أسلحة كيماوية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)