رغم التلويحات والوعود الأميركية للأكراد بأن «قوات سوريا الديموقراطية» هي من ستخوض معركة الرقة ضد تنظيم «داعش»، بما تحمل المعركة من رمزية في معقل التنظيم الرئيسي في سوريا، فهم لا يبدون اهتمامهم بخوض تلك المعركة، وخاصة في ضوء انكفاء الدعم الأميركي لعمليات «قسد» في جيب منبج لمصلحة القوات التركية القادمة من الشمال. الأكراد الذين رفضوا سابقاً التوجه نحو الرقة بشرط الانسحاب منها بعد طرد «داعش»، يجدّدون اليوم رفض هذه المعركة التي تأتي على حساب تعثّر الأولوية المتمثلة في ربط «مقاطعتي عفرين وكوباني»، بما يسمح بإعلان المشروع الفيدرالي. وفي هذا السياق، أكّدت مصادر كردية في حديث إلى «الأخبار» أن «الكرد ليس لديهم مصلحة في الذهاب إلى الرقة، وقواتهم لن تتجه نحوها». وبدوره، أوضح القيادي في «حركة المجتمع الديمقراطي» الكرديّة، ألدار خليل، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «لا خطة جاهزة للتوجه نحو الرقة لتحريرها من داعش»، معرباً عن انتقاده لـ«موقف التحالف الدولي والأوروبيين والروس وكل من لهم تأثير في الأزمة السورية، حيال الاحتلال التركي لجرابلس»، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة «ستشهد تحسناً إيجابياً في الموقف الأميركي» تجاه الأكراد.
طلب الأميركيون من القوات الكردية تجنّب الاصطدام مع الأتراك
ووفق مصادر كردية، فقد طلب الأميركيون من القوات الكردية «تجنّب الاصطدام مع الأتراك، والتغاضي ولو مؤقتاً عن الشريط الحدودي الممتد من جرابلس إلى الراعي»، إلى جانب «التوجّه من ريف منبج باتجاه الباب ومنها إلى تل رفعت، بهدف إنجاز ربط مؤقت لعفرين بعين العرب (كوباني)»، وهو ما يفسّر دفع «قسد» بتعزيزات إلى مدينة منبج وريفها، مع معلومات عن وجود خبراء أميركيين لإنجاز تحضيرات التحرك نحو مدينة الباب، وهو ما علّق عليه ألدار خليل بالقول إن «الباب ومحيطها أراض سورية، ومن حق قوات قسد كمواطنين سوريين تحرير مناطقهم من الإرهاب والظلم الداعشي»، مشيراً إلى أن «وصل كوباني بعفرين هو ضرورة إنسانية قبل أن تكون سياسية، لفك الحصار عن عفرين المحاصرة منذ سنين».
النصيحة الأميركيّة لا تبدو أنها تتضمن موافقة أنقرة، التي رغم توقيعها اتفاق هدنة مؤقتة مع «المجلس العسكري لمدينة جرابلس» التابع لـ«قسد»، لا تزال مصرّة على انسحاب «الوحدات» الكردية إلى شرق الفرات، والتلويح بأن «قوات الجيش الحر» التي تدعمها «ستتوجه نحو مدينة الباب وبعدها نحو مارع».
وعلى صعيد متصل، رأى خليل أن التصريحات التركيّة عن علم مسبق للحكومة السورية بعملية جرابلس تعتبر «مؤشراً خطيراً جداً يمس بالسيادة الوطنية السورية»، رافضاً ربط ما حصل في الحسكة بأحداث جرابلس. وبينما أكد أن «الروس ما زالوا يتابعون تطبيق بنود الاتفاق الذي تم في حميميم مع المسؤولين السوريين»، استبعد «وجود أي نية لإخراج الحكومة السورية من مدينتي القامشلي والحسكة».
الانقلابات الميدانية التي يشهدها الشمال السوري أضرّت بالأكراد الذين كانوا يستعدون لإعلان مشروعهم الفدرالي كأمر واقع، فيما يظهر رفضهم توجيه قواتهم نحو الرقة، كرسالة واضحة للأميركيين بأنهم لن يرضوا أن تذهب جهودهم الميدانية من دون مكاسب سياسية تتناسب مع مشروعهم في المنطقة.