تمضي القوى السياسية في صنعاء، وفي مقدمها حركة «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام»، في إنجاز مفاعيل الاتفاق السياسي الأخير الذي أفضى إلى تشكيل مجلس سياسي أعلى يشغل فراغ مؤسسة الرئاسة ويضبط إيقاع إدارة البلاد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، ويعيد الحياة للمؤسسات الدستورية المعطلة وعلى رأسها البرلمان.وبعد أيام من تشكيل المجلس وتسمية رئيسه ونائبه الدوريين، تلته جلسة جمعت أعضاءه، يعود البرلمان اليمني إلى الانعقاد صباح اليوم بقوامه الحالي بعد تعطيل دام نحو عامين.
ورأت أوساط سياسية ومراقبون أن عودة انعقاد البرلمان تعدّ حدثاً مفصلياً سيكون له تأثيراته المباشرة على مسار الأحداث. وفي هذا السياق، أكد مصدر سياسي مقرب من «المجلس السياسي الأعلى» أن المجلس سينعقد بقوامه الحالي وبرغم إعاقة «التحالف» عودة الكثير من النواب. وأفاد المصدر في حديثه إلى «الأخبار» بأن انعقاد المجلس سيكون بمثابة إعلان تاريخي بعودته لممارسة مهماته الدستورية التي ستراعي التوافق الذي يحكم المرحلة.
وفي الوقت الذي تثار فيه التساؤلات حول طبيعة الخطوات التي قد يعلن عنها البرلمان في أولى جلساته، وإذا ما كان سيكتمل النصاب المطلوب لاتخاذ خطوات استراتيجية تلاقي تأييداً داخلياً وخارجياً، كشف المصدر المقرب من «المجلس الأعلى» أن البرلمان سيتخذ قرارات مهمة تعيد الكثير من الأمور إلى نصابها، وقال المصدر «سينعقد البرلمان بقوام يفوق النصاب المطلوب لإعطاء المجلس السياسي الأعلى الثقة ليمارس عمله بشكل دستوري»، لافتاً إلى أن رئيس ونائب وأعضاء «المجلس السياسي الأعلى» سيؤدون اليمين الدستورية أمام مجلس النواب في جلسة منح الثقة اليوم، وهو ما يعطي «المجلس الأعلى» الشرعية الدستورية، كما توقع المصدر أن يناقش البرلمان في الجلسة اللائحة الداخلية لـ«المجلس السياسي الأعلى» قبل المصادقة عليها، إضافة إلى مناقشة البرلمان جدول أعماله أيضاً وإقراره والتصويت عليه.
المجلس النيابي الذي انتهت فترته الدستورية في عام 2008، منحته الظروف الاستثنائية منذ عام 2011 مشروعية الاستمرار لفترة وصفت بالقياسية، ولا يزال المؤسسة الدستورية الأقوى مشروعيةً لكونه منتخباً من الشعب. وكان المجلس قد وجه دعوة لأعضائه الموجودين خارج البلاد للعودة إلى المشاركة في جلسة اليوم. وبخصوص إعاقة التحالف السعودي عودة الكثيرين منهم، أوضح المصدر أن المجلس سينعقد بالنصاب المطلوب الذي يفوق 139 نائباً، وأضاف قائلاً «سيشارك أعضاء المجلس الذين يتعذر وصولهم الى صنعاء عبر سكايب خلال الجلسة».
وبينما يشير الدستور اليمني إلى أن مشروعية أي حكومة تتوقف على منحها الثقة من مجلس النواب، من المتوقع أن يصدر عن جلسة اليوم موقف من تشكيل حكومة أحمد بن دغر وإعلانها حكومة غير دستورية لأنها لم تُمنح الثقة من مجلس النواب، كما ينص الدستور والمبادرة الخليجية.
في هذه الأثناء، عاد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ إلى الحديث عن إمكانية التوصل إلى حل شامل في اليمن. ولد الشيخ الذي ترك الباب موارباً في إعلانه انتهاء مشاورات الكويت، كشف عن استمرار مساعي السلام. وفي بيانه الذي أدان فيه ما سماها خروق وقف الأعمال القتالية المتزايدة في اليمن، قال المبعوث الدولي «لا نزال نبذل جهوداً كبيرة من أجل إحلال السلام، لكن ذلك يتطلب حسن نية وتقديم التنازلات، وهذا ما نعول عليه»، مطالباً الأطراف المتنازعة بالتوصل بصورة عاجلة إلى حل سياسي شامل، ومعتبراً أن الخروق لا تخدم مسار السلام، وأن الحل الكامل لن يكون إلا سياسياً.