سيكون البرلمان العراقي على موعد مع جلسة جديدة حاسمة، هي الأولى بعد جلسة استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي الشهيرة، التي دخلت بعدها البلاد في دوامة صراعات ستعيد ترتيب المشهد السياسي، فيما سيكون ملف الموصل وتحريرها جزءاً من تلك الترتيبات.وأعلن مجلس النواب، في بيان نشرته الدائرة الإعلامية، أنه سيستكمل استجواب وزير الدفاع في جلسته التاسعة من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثالثة، إضافة الى مناقشة قانوني العفو العام والمساءلة والعدالة والتصويت عليهما. وكان البرلمان قد رفع، الثلاثاء الماضي، جلسته بعد توجيه النائب المستجوِب سبعة أسئلة من أصل 14 سؤالاً للعبيدي، قبل أن تُرفع الجلسة إلى اليوم. وبحسب الآليات القانونية التي ذكرتها اللجنة القانونية في البرلمان، فإن استئناف استجواب العبيدي يتطلّب تصويت نصف النواب الحاضرين زائداً واحداً. وفي حال صوّت النواب الحاضرون على استئناف الجلسة، يُستدعى العبيدي لاستكمال استجوابه. لكن المعطيات التي توافرت، خلال الساعات الماضية، تشير إلى أن البرلمان «قد لا يجازف» في استكمال استجواب العبيدي، وأنه سيكتفي بجلسة الاستجواب وسيصار إلى عرض نتائج الاستجواب على التصويت لإظهار مدى اقتناع النواب بأجوبة العبيدي.
وكان مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة في البرلمان قد شهدوا، خلال اليومين الماضيين، استضافة كل من وزير الدفاع ورئيس البرلمان، والنائب عن تحالف القوى محمد الكربولي. ودُوّنت إفاداتهم بشأن تبادلهم للاتهامات وتورّطهم في صفقات فساد تخصّ المؤسسة العسكرية، في وقت أصدرت فيه محكمة عراقية أمر استقدام بحق العبيدي على خلفية الاتهامات الأخيرة التي وجّهها للجبوري ونواب آخرين.
اجتمع السفير الأميركي مع قادة «اتحاد القوى» في مكتب النجيفي

وفي وقت توقّع فيه خبراء ومختصون أن تطول الإجراءات القضائية في ما يتعلق بتلك الاتهامات، كشفت مصادر لـ«الأخبار» أن «هناك اتجاهاً لإجراء ترتيبات جديدة داخل البيت السنّي، ستشمل إقصاء قيادات بارزة بعد الأزمة الأخيرة التي ولّدها استجواب العبيدي». وأوضحت المصادر أن «اجتماعاً مهماً عقد، في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، وانتهى بالاتفاق مبدئياً على إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري ووزير الدفاع خالد العبيدي».
وبحسب المصادر، فقد جرى طرح أربعة أسماء لخلافة الجبوري، وهي: رئيس البرلمان السابق والقيادي في اتحاد القوى محمود المشهداني، ورئيس كتلة اتحاد القوى البرلمانية أحمد المساري، ونائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك، ووزير التربية السابق محمد تميم. وأكدت هذه المصادر أن هذا الأخير هو الأوفر حظاً لرئاسة البرلمان خلفاً للجبوري. كذلك، لفتت إلى أن الجبوري سيعود نائباً في البرلمان، في حين سيتم إسناد منصب محافظ نينوى (بعد تحرير المحافظة من سيطرة «داعش») إلى خالد العبيدي. المصادر كشفت، أيضاً، أنه جرى الاتفاق على «عزل حركة الحل بزعامة جمال الكربولي، ورئيس كتلة الحركة البرلمانية محمد الكربولي، وإبعادهما عن اتحاد القوى».
في غضون ذلك، شنّ رئيس ائتلاف «متحدون»، أسامة النجيفي، أمس، هجوماً هو الأول من نوعه على الجبوري، معتبراً إياه أنه لم يعد صالحاً لرئاسة البرلمان. النجيفي قال إنه «حتى لو لم يثبت القضاء التهم الموجهة ضد الجبوري، فإننا نرى أن الرجل فشل في إدارة البرلمان، وتقاطع مع القوى السياسية، ولم يكن كفوءاً».
وصعّد النجيفي في تصريحاته ضد مشاركة «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الموصل، متهماً فصائل في «الحشد» بارتكاب انتهاكات وجرائم في المعارك التي خاضها في الفلوجة وتكريت.
وفي السياق ذاته، أبلغ قادة «اتحاد القوى» السفير الأميركي في العراق ستيورات جونز، أمس، أن تداعيات استجواب العبيدي، وما أعقبها من اتهامات، «قضية قضائية وليست سياسية». وقال مصدر لـ«الأخبار» إن السفير الأميركي اجتمع، صباح أمس، مع قادة الاتحاد في مكتب النجيفي، بحضور صالح المطلك والأمين العام لـ«الحزب الإسلامي» (ينتمي إليه الجبوري) إياد السامرائي، وأحمد المساري، والقيادي عزالدين الدولة، وأحمد أبو ريشة رئيس «صحوات» الأنبار، لبحث تداعيات الأزمة الأخيرة.
وعلى هذا الصعيد، رأى المحلل السياسي عبد العزيز العيساوي أن «إجراءات القضاء العراقي الأخيرة من قبيل استدعاء العبيدي، والأشخاص الذين اتهمهم، تجعلنا أمام تساوي كفتي الميزان، أي إن القضاء لم يبدِ انحيازاً لطرف دون آخر نتيجة ضغوط أو مساومات».
وأشار العيساوي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن المؤشرات تدلّ على أن الأزمة الحالية دخلت «مرحلة التسوية» وليس مرحلة الحل، لأن الأخيرة تعني معاقبة المتورط، أما الأولى فتعني عادة «الصفقات المشبوهة خلف الكواليس»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «الصراع الحالي عكس الأزمات الأخرى التي شهدنها».