تصاعدت حرب التصفيات في أوساط الجماعات المسلحة الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي والمسنودة من قبل التحالف السعودي في عدد من المحافظات اليمنية أخيراً. وتشهد هذه الحرب تصفيات مباشرة عبر الاغتيالات المنظمة والكمائن المتبادلة، إلى جانب «التصفيات المعنوية» عبر رفع بلاغات كيدية لقيادة عمليات «التحالف» وطلب تدخل الطيران الحربي لشنّ غارات جوية على تلك المجموعات.
بدأت التصفيات مع الغارة على معسكر موالٍ لهادي في حضرموت
في تعز، حيث تعاني الجماعات المسلحة حالة توتر بسبب صراع النفوذ والمصالح بينها، تجددت المواجهات المسلحة بين «كتائب أبو العباس» السلفية («حماة العقيدة») وجماعات حزب «الإصلاح» التابعة للقيادي حمود سعيد المخلافي في المحافظة، وذلك على خلفية اغتيال عضو «المجلس العسكري» في «المقاومة في إب»، مالك أحمد عبدالله خراسان، في شارع التحرير الأسفل في تعز المدينة برصاص مسلحين يعتقد انتماؤهم إلى «كتائب أبو العباس».
من جهة أخرى، ومع تعاظم دور التيار السلفي في محافظة عدن بقيادة وزير الدولة في حكومة هادي هاني بن بريك، تصاعدت أيضاً التصفيات بين الجماعات والتيارات المتطرفة لتطاول عدداً من رموز السلفية الجهادية في عدن ولحج. وحاول مجهولون يوم الأحد الماضي اغتيال الشيخ السلفي عبد الرحمن الزهري، أمام المسجد في منصورة عدن، كذلك تعرّض مسجد الشيخ السلفي عبدالله المرفدي ومنزله، في حيّ كريتر في عدن للاقتحام من قبل جماعة مسلحة مجهولة في اليوم نفسه.
وكانت موجة الاغتيالات في عدن قد شهدت تصعيداً سابقاً في شهر أيار، حين قتل مسلحون القائم بأعمال مدير السجن وهاد نجيب، المنتمي إلى التيار السلفي، بعد خروجه من صلاة الجمعة. وجاء ذلك بعد أكثر من شهر من اغتيال الشيخ السلفي البارز عبد الرحمن العدني، في آذار الماضي.
وكانت حرب التصفيات في عدن بين الجماعات والتيارات الموالية لهادي و«التحالف» قد بدأت باغتيال الشيخ سمحان عبد العزيز المعروف بـ«الشيخ راوي»، أحد قادة التيار السلفي في منطقة البريقة في كانون الثاني من العام الجاري. وعقب إعلان تنظيم «داعش» تبني اغتيال الشيخ السلفي مزهر العدني، دعا وزير الدولة السلفي، بن بريك، الذي يمتلك نفوذاً كبيراً في عدن إلى قتال «القاعدة» و«داعش». وقال بن بريك الذي يراه كثيرون أحد أكبر القيادات الأمنية التي تثق بها القوات الإماراتية في المدينة عبر موقع «تويتر»: «حتى نعرف أن داعش والقاعدة لا علاقة لهم بالمقاومة، انظر لاستهدافهم لقيادات المقاومة ولمشايخ الدعوة».
وفي السياق نفسه، تنامت الممارسات الانتقامية بين تلك الجماعات والميليشيات، الناتجة من تصدع صفوف الجبهات الموالية لهادي التي تتكون من تركيبة معقدة غير متجانسة تجمعها المال والمصالح وتفرقها الإيديولوجيات، ما يؤدي إلى محاولات إلغاء بعضها الآخر. فعشرات الفصائل المسلحة المتعددة الولاء، تقاتل إلى جانب قوات هادي التي تُعَدّ خليطاً من الآلاف من العناصر الحزبية والدينية ذات الانتماء الإخواني والسلفي، إضافةً إلى المئات من عناصر «القاعدة» و«داعش» الموجودين في الجبهات الموالية لهادي بكثافة، بالإضافة إلى انخراط المئات من القبائل في إطار القوات الموالية لهادي. ودشنت التصفية خلال الحرب السعودية، بين المكونات السياسية والجماعات المسلحة باستهداف طيران التحالف بسلسلة غارات معسكر «اللواء 23 ميكا» المؤيد لهادي و«التحالف» في منطقة العبر محافظة حضرموت مطلع تموز من عام 2015، ما أدى إلى مقتل 170 جندياً وجرح المئات، معظمهم موالون لحزب «الإصلاح» وللواء علي محسن الأحمر. وعلى الرغم من مطالب التحقيق في الجريمة وتشكيل حكومة هادي لجنة عسكرية للتحقيق فيها، إلا أنها أعادت استهداف المعسكر وإبادة أفراده الذين ينتمي معظمهم إلى المحافظات الشمالية إلى بلاغ خاطئ من دون أن تشير إلى الجهة التي وقفت خلف البلاغ. واستعرت حرب التصفيات غير المباشرة التي تعكس حجم الصراعات الداخلية في الجبهات الموالية لهادي و«التحالف»، من منطقة العبر في حضرموت إلى تعز ومأرب والجوف وشبوة ولحج وباب المندب. وتقدر تقارير حقوقية ضحايا الهجمات التي شنها طيران «التحالف» على العشرات من مواقع ومجموعات موالية لهادي و«التحالف» بما يقارب 500 قتيل منهم 170 في غارة العبر و20 في صبيحة لحج و40 في الجوف، وما يزيد على 80 قتيلاً في عدد من الهجمات التي طاولت مواقع ومجموعات تابعة لـ«المقاومة في مأرب».